يقول تعالى ذكره :
( ويوم نسير الجبال ) عن الأرض ، فنبسها بسا ، ونجعلها هباء منبثا ( وترى الأرض بارزة ) ظاهرة : وظهورها لرأي أعين الناظرين من غير شيء يسترها من جبل ولا شجر هو بروزها .
وبنحو ذلك قال جماعة من أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى "ح" ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( وترى الأرض بارزة ) قال : لا خمر فيها ولا غيابة ولا بناء ، ولا حجر فيها .
حدثني القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد ، مثله .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( وترى الأرض بارزة ) ليس عليها بناء ولا شجر .
وقيل : معنى ذلك : وترى الأرض [ ص: 37 ] بارزا أهلها الذين كانوا في بطنها ، فصاروا على ظهرها .
وقوله ( وحشرناهم ) يقول : جمعناهم إلى موقف الحساب ( فلم نغادر منهم أحدا ) ، يقول : فلم نترك ، ولم نبق منهم تحت الأرض أحدا ، يقال منه : ما غادرت من القوم أحدا ، وما أغدرت منهم أحدا ، ومن أغدرت قول الراجز :
هل لك والعارض منك عائض في هجمة يغدر منها القابض
وقوله : ( وعرضوا على ربك صفا ) يقول عز ذكره : وعرض الخلق على ربك يا محمد صفا .
( لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة ) يقول عز ذكره : يقال لهم إذ عرضوا على الله : لقد جئتمونا أيها الناس أحياء كهيئتكم حين خلقناكم أول مرة ، وحذف يقال من الكلام لمعرفة السامعين بأنه مراد في الكلام .
وقوله : ( بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا ) وهذا الكلام خرج مخرج الخبر عن خطاب الله به الجميع ، والمراد منه الخصوص ، وذلك أنه قد يرد القيامة خلق من الأنبياء والرسل ، والمؤمنين بالله ورسله وبالبعث ، ومعلوم أنه لا يقال يومئذ لمن وردها من أهل التصديق بوعد الله في الدنيا ، وأهل اليقين فيها بقيام الساعة ، بل زعمتم أن لن نجعل لكم البعث بعد الممات ، والحشر إلى القيامة موعدا ، وأن ذلك إنما يقال لمن كان في الدنيا مكذبا بالبعث وقيام الساعة .