قال أبو جعفر : يقول ، تعالى ذكره : إن الذين لا يخافون لقاءنا يوم القيامة ، فهم لذلك مكذبون بالثواب والعقاب ، متنافسون في زين الدنيا وزخارفها ، راضون بها عوضا من الآخرة ، مطمئنين إليها ساكنين والذين هم عن آيات الله وهي أدلته على وحدانيته ، وحججه على عباده في إخلاص العبادة له ( غافلون ) ، معرضون عنها لاهون ، لا يتأملونها تأمل ناصح لنفسه ، فيعلموا بها حقيقة ما دلتهم عليه ، ويعرفوا بها بطول ما هم عليه مقيمون ( أولئك مأواهم النار ) ، يقول جل ثناؤه : هؤلاء الذين هذه صفتهم ( مأواهم ) ، مصيرهم إلى النار نار [ ص: 26 ] جهنم في الآخرة ( بما كانوا يكسبون ) ، في الدنيا من الآثام والأجرام ، ويجترحون من السيئات .
والعرب تقول : " فلان لا يرجو فلانا " : إذا كان لا يخافه .
ومنه قول الله جل ثناؤه : ( ما لكم لا ترجون لله وقارا ) . [ سورة نوح : 13 ] ، ومنه قول أبي ذؤيب :
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها وخالفها في بيت نوب عواسل
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
17553 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : ( واطمأنوا بها ) ، قال : هو مثل قوله : ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها ) .
17554 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : ( إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها ) ، قال : هو مثل قوله : ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها ) [ سورة هود : 15 ] .
17555 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج عن عن ابن جريج مجاهد مثله .
17556 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة : قوله ( إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن [ ص: 27 ] آياتنا غافلون ) ، قال : إذا شئت رأيت صاحب دنيا ، لها يفرح ، ولها يحزن ، ولها يسخط ، ولها يرضى .
17557 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها ) ، الآية كلها ، قال : هؤلاء أهل الكفر . ثم قال : ( أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون ) .