[ ص: 539 ] القول في تأويل قوله : ( لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم ( 117 ) )
قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : لقد رزق الله الإنابة إلى أمره وطاعته نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرين ديارهم وعشيرتهم إلى دار الإسلام ، وأنصار رسوله في الله الذين اتبعوا رسول الله في ساعة العسرة منهم من النفقة والظهر والزاد والماء ( من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ) يقول : من بعد ما كاد يميل قلوب بعضهم عن الحق ، ويشك في دينه ويرتاب ، بالذي ناله من المشقة والشدة في سفره وغزوه ( ثم تاب عليهم ) يقول : ثم رزقهم - جل ثناؤه - الإنابة والرجوع إلى الثبات على دينه ، وإبصار الحق الذي كان قد كاد يلتبس عليهم ( إنه بهم رءوف رحيم ) يقول : إن ربكم بالذين خالط قلوبهم ذلك - لما نالهم في سفرهم من الشدة والمشقة - رءوف بهم ( رحيم ) أن يهلكهم ، فينزع منهم الإيمان بعد ما قد أبلوا في الله ما أبلوا مع رسوله ، وصبروا عليه من البأساء والضراء .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
17423 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا عاصم قال : حدثنا [ ص: 540 ] عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( في ساعة العسرة ) في غزوة تبوك .
17424 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن : ( عبد الله بن محمد بن عقيل في ساعة العسرة ) قال : خرجوا في غزوة الرجلان والثلاثة على بعير . وخرجوا في حر شديد ، وأصابهم يومئذ عطش شديد ، فجعلوا ينحرون إبلهم فيعصرون أكراشها ، ويشربون ماءه ، وكان ذلك عسرة من الماء ، وعسرة من الظهر ، وعسرة من النفقة .
17425 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ، عن ابن جريج مجاهد : ( ساعة العسرة ) قال : غزوة تبوك قال : " العسرة " أصابهم جهد شديد ، حتى إن الرجلين ليشقان التمرة بينهما ، وإنهم ليمصون التمرة الواحدة ، ويشربون عليها الماء .
17426 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( الذين اتبعوه في ساعة العسرة ) قال : غزوة تبوك .
17427 - . . . . . . قال : حدثنا زكريا بن عدي ، عن ابن مبارك ، عن معمر ، عن ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل جابر : ( الذين اتبعوه في ساعة العسرة ) قال : عسرة الظهر ، وعسرة الزاد ، وعسرة الماء . [ ص: 541 ] 17428 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة ) الآية ، الذين اتبعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك قبل الشأم في لهبان الحر على ما يعلم الله من الجهد ، أصابهم فيها جهد شديد ، حتى لقد ذكر لنا أن الرجلين كانا يشقان التمرة بينهما ، وكان النفر يتناولون التمرة بينهم ، يمصها هذا ثم يشرب عليها ، ثم يمصها هذا ثم يشرب عليها ، فتاب الله عليهم وأقفلهم من غزوهم .
17429 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن عتبة بن أبي عتبة ، عن ، عن نافع بن جبير بن مطعم : أنه عبد الله بن عباس - رحمة الله عليه - في شأن العسرة ، فقال لعمر بن الخطاب عمر : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك في قيظ شديد ، فنزلنا منزلا أصابنا فيه عطش ، حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع ، حتى إن كان الرجل ليذهب يلتمس الماء فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع ، حتى إن الرجل لينحر بعيره ، فيعصر فرثه فيشربه ، ويجعل ما بقي على كبده . فقال أبو بكر يا رسول الله : إن الله قد عودك في الدعاء خيرا ، فادع لنا . قال : تحب ذلك ؟ قال : نعم . فرفع يديه ، فلم يرجعهما حتى قالت السماء ، فأظلت ، ثم سكبت ، فملئوا ما معهم ، ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر . قيل
[ ص: 542 ] 17430 - حدثني إسحاق بن زيادة العطار قال : حدثنا يعقوب بن محمد قال : حدثنا قال : حدثنا عبد الله بن وهب عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن ، عن نافع بن جبير ابن عباس قال : قيل - رحمة الله عليه - : حدثنا عن شأن جيش العسرة . فقال لعمر بن الخطاب عمر : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم ذكر نحوه .