القول في تأويل قوله ( إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ( 84 ) )
قال أبو جعفر : يقول - جل ثناؤه - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : ولا تصل يا محمد على أحد مات من هؤلاء المنافقين الذين تخلفوا عن الخروج معك أبدا ( ولا تقم على قبره ) يقول : ولا تتول دفنه وتقبيره . [ ص: 406 ] من قول القائل : " قام فلان بأمر فلان " إذا كفاه أمره .
( إنهم كفروا بالله ) يقول : إنهم جحدوا توحيد الله ورسالة رسوله وماتوا وهم خارجون من الإسلام ، مفارقون أمر الله ونهيه .
وقد ذكر أن هذه الآية نزلت حين صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - على عبد الله بن أبي .
ذكر من قال ذلك :
17050 - حدثنا محمد بن المثنى وسفيان بن وكيع قالوا : حدثنا وسوار بن عبد الله يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال : أخبرني نافع عن ابن عمر قال : عبد الله بن أبي ابن سلول إلى رسول الله حين مات أبوه فقال : أعطني قميصك حتى أكفنه فيه ، وصل عليه ، واستغفر له . فأعطاه قميصه ، وإذا فرغتم فآذنوني . فلما أراد أن يصلي عليه [ جذبه ] عمر وقال : أليس قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين ؟ فقال : بل خيرني ، وقال : ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ) قال : فصلى عليه . قال : فأنزل الله - تبارك وتعالى - : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) قال : فترك الصلاة عليهم . [ ص: 407 ] 17051 - حدثنا جاء ابن ابن وكيع قال : حدثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن ابن عمر قال : عبد الله بن أبي ابن سلول جاء ابنه عبد الله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه ، فأعطاه . ثم سأله أن يصلي عليه ، فقام - رضي الله عنه - فأخذ بثوب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : عمر بن الخطاب ابن سلول أتصلي عليه ، وقد نهاك الله أن تصلي عليه ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إنما خيرني ربي ، فقال : ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ) وسأزيد على سبعين . فقال : إنه منافق . فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) . لما توفي
17052 - حدثنا قال : حدثنا سوار بن عبد الله العنبري يحيى بن سعيد عن مجاهد قال : حدثني عامر عن : أن جابر بن عبد الله بالمدينة ، فأوصى أن يصلي عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن يكفن في قميصه ، فكفنه في قميصه ، وصلى عليه وقام على قبره ، فأنزل الله - تبارك وتعالى - : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) . رأس المنافقين مات
17053 - حدثني أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سلمة عن يزيد الرقاشي عن أنس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يصلي على عبد الله بن أبي ابن سلول فأخذ جبريل عليه السلام بثوبه فقال : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) . [ ص: 408 ] 17054 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو عن جابر قال : عبد الله بن أبي وقد أدخل حفرته ، فأخرجه فوضعه على ركبتيه ، وألبسه قميصه ، وتفل عليه من ريقه ، والله أعلم . جاء النبي - صلى الله عليه وسلم -
17055 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال : سمعت عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - يقول : عمر بن الخطاب عبد الله بن أبي ابن سلول دعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للصلاة عليه ، فقام إليه . فلما وقف عليه يريد الصلاة ، تحولت حتى قمت في صدره فقلت : يا رسول الله ، أتصلي على عدو الله عبد الله بن أبي القائل يوم كذا كذا وكذا ؟ ! أعدد أيامه ، ورسول الله - عليه السلام - يتبسم ، حتى إذا أكثرت عليه قال : أخر عني يا عمر إني خيرت فاخترت ، وقد قيل لي : ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ) فلو أني أعلم أني إن زدت على السبعين غفر له ، لزدت . قال : ثم صلى عليه ، ومشى معه ، فقام على قبره حتى فرغ منه . قال : فعجبت لي وجرأتي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله ورسوله أعلم . فوالله ما كان إلا يسيرا حتى نزلت هاتان الآيتان : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ) فما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعده على منافق ، ولا قام [ ص: 409 ] على قبره حتى قبضه الله . لما توفي
17056 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق ، عن قال : عاصم بن عمر بن قتادة لما مات عبد الله بن أبي أتى ابنه عبد الله بن عبد الله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فسأله قميصه ، فأعطاه ، فكفن فيه أباه .
17057 - حدثنا المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني الليث قال : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب قال : أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ، عن عبد الله بن عباس قال : لما مات عمر بن الخطاب عبد الله بن أبي فذكر مثل حديث ابن حميد ، عن سلمة .
17058 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) الآية . قال : بعث عبد الله بن أبي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مريض ليأتيه ، فنهاه عن ذلك عمر . فأتاه نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فلما دخل علي ، قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : أهلكك حب اليهود . قال : فقال يا نبي الله : إني لم أبعث إليك لتؤنبني ، ولكن بعثت إليك لتستغفر لي ، وسأله قميصه أن يكفن فيه ، فأعطاه إياه ، فاستغفر له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمات فكفن في قميص رسول الله صلى الله عليه [ ص: 410 ] وسلم ، ونفث في جلده ، ودلاه في قبره ، فأنزل الله - تبارك وتعالى - : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ) الآية . قال : ذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كلم في ذلك فقال : وما يغني عنه قميصي من الله - أو ربي - وصلى عليه ، وإني لأرجو أن يسلم به ألف من قومه .
17059 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة قال : أرسل عبد الله بن أبي ابن سلول وهو مريض إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما دخل عليه قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : أهلكك حب يهود . قال : يا رسول الله ، إنما أرسلت إليك لتستغفر لي ، ولم أرسل إليك لتؤنبني . ثم سأله عبد الله أن يعطيه قميصه أن يكفن فيه ، فأعطاه إياه ، وصلى عليه ، وقام على قبره ، فأنزل الله - تعالى ذكره - : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) .