القول في تأويل قوله ( تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ( 116 ) )
قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - ، مخبرا عن نبيه عيسى - صلى الله عليه وسلم - : أنه يبرأ إليه مما قالت فيه وفي أمه الكفرة من النصارى ، أن يكون دعاهم إليه أو أمرهم به ، فقال : " سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته " . [ ص: 238 ] ثم قال : " تعلم ما في نفسي " يقول : إنك ، يا رب ، لا يخفى عليك ما أضمرته نفسي مما لم أنطق به ولم أظهره بجوارحي ، فكيف بما قد نطقت به وأظهرته بجوارحي؟ يقول : لو كنت قد قلت للناس : " اتخذوني وأمي إلهين من دون الله " كنت قد علمته ، لأنك تعلم ضمائر النفوس مما لم تنطق به ، فكيف بما قد نطقت به؟ " ولا أعلم ما في نفسك " يقول : ولا أعلم أنا ما أخفيته عني فلم تطلعني عليه ، لأني إنما أعلم من الأشياء ما أعلمتنيه " إنك أنت علام الغيوب " يقول : إنك أنت العالم بخفيات الأمور التي لا يطلع عليها سواك ، ولا يعلمها غيرك .