قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل ، يا محمد ، لأهل الكتاب من اليهود والنصارى : يا أهل الكتاب ، هل تكرهون منا أو تجدون علينا في شيء إذ تستهزئون بديننا ، وإذ أنتم إذا نادينا إلى الصلاة اتخذتم نداءنا ذلك هزوا ولعبا "إلا أن آمنا بالله " ، يقول : إلا أن صدقنا وأقررنا بالله فوحدناه ، وبما أنزل إلينا من عند الله من الكتاب ، وما أنزل إلى أنبياء الله من الكتب من قبل كتابنا " وأن أكثركم فاسقون " ، يقول : وإلا أن أكثركم مخالفون أمر الله ، خارجون عن طاعته ، تكذبون عليه .
والعرب تقول : "نقمت عليك كذا أنقم " وبه قرأه القرأة من أهل الحجاز والعراق وغيرهم و"نقمت أنقم " ، لغتان ، ولا نعلم قارئا قرأ بهما بمعنى وجدت وكرهت ، ومنه قول عبد الله بن قيس الرقيات :
ما نقموا من بني أمية إلا أنهم يحلمون إن غضبوا
[ ص: 434 ] وقد ذكر أن هذه الآية نزلت بسبب قوم من اليهود .
ذكر من قال ذلك :
12219 - حدثنا قال ، حدثنا هناد بن السري قال ، حدثنا يونس بن بكير محمد بن إسحاق ، قال ، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال ، حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة ، عن ابن عباس قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من اليهود فيهم أبو ياسر بن أخطب ، ورافع بن أبي رافع ، وعازر ، وزيد ، وخالد ، وأزار بن أبي أزار ، وأشيع ، فسألوه عمن يؤمن به من الرسل؟ قال : أومن بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ، وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون . فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته وقالوا : لا نؤمن بمن آمن به ! فأنزل الله فيهم : " قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون " .
[ ص: 435 ] عطفا بها على"أن " التي في قوله : "إلا أن آمنا بالله " ، لأن معنى الكلام : هل تنقمون منا إلا إيماننا بالله وفسقكم .