[ ص: 295 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الأنعام
وهي مكية في قول الأكثرين قال
ابن عباس وقتادة : هي مكية كلها إلا آيتين منها نزلتا
بالمدينة ، قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91وما قدروا الله حق قدره نزلت في
مالك بن الصيف وكعب بن الأشرف اليهوديين والأخرى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : نزلت في
معاذ بن جبل ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي . وقال
الثعلبي سورة " الأنعام " مكية إلا ست آيات نزلت
بالمدينة nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91وما قدروا الله حق قدره إلى آخر ثلاث آيات و
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم إلى آخر ثلاث آيات قال
ابن عطية : وهي الآيات المحكمات وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : أن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145قل لا أجد نزل
بمكة يوم
عرفة وسيأتي القول في جميع ذلك إن شاء الله وفي الخبر أنها نزلت جملة واحدة غير الست الآيات وشيعها سبعون ألف ملك مع آية واحدة منها اثنا عشر ألف ملك وهي
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=59وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو نزلوا بها ليلا لهم زجل بالتسبيح والتحميد فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب فكتبوها من ليلتهم وأسند
nindex.php?page=showalam&ids=12940أبو جعفر النحاس قال : حدثنا
محمد بن يحيى ، حدثنا
أبو حاتم روح بن الفرج مولى
الحضارمة ، قال حدثنا
أحمد بن محمد أبو بكر العمري ، حدثنا
ابن أبي فديك ، حدثني
عمر بن طلحة بن علقمة بن وقاص ، عن
نافع أبي سهل بن مالك ، عن
أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839243نزلت سورة الأنعام معها موكب من الملائكة سد ما بين الخافقين لهم زجل بالتسبيح والأرض لهم ترتج ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : سبحان ربي العظيم ثلاث مرات وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14272الدارمي أبو محمد في مسنده ، عن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : الأنعام من نجائب القرآن . وفيه عن
كعب ، قال : فاتحة " التوراة "
[ ص: 296 ] فاتحة الأنعام وخاتمتها خاتمة " هود " . وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه أيضا وذكر
المهدوي قال المفسرون إن " التوراة " افتتحت بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض الآية . وختمت بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=111الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك إلى آخر الآية . وذكر
الثعلبي عن
جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال
من قرأ ثلاث آيات من أول سورة " الأنعام " إلى قوله : nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=3ويعلم ما تكسبون وكل الله به أربعين ألف ملك يكتبون له مثل عبادتهم إلى يوم القيامة وينزل ملك من السماء السابعة ومعه مرزبة من حديد ، فإذا أراد الشيطان أن يوسوس له أو يوحي في قلبه شيئا ضربه ضربة فيكون بينه وبينه سبعون حجابا فإذا كان يوم القيامة قال الله تعالى : امش في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي وكل من ثمار جنتي واشرب من ماء الكوثر واغتسل من ماء السلسبيل فأنت عبدي وأنا ربك . وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
ابن عباس قال : إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة من سورة " الأنعام "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=140قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=140وما كانوا مهتدين تنبيه : قال العلماء : هذه السورة أصل في محاجة المشركين وغيرهم من المبتدعين ومن كذب بالبعث والنشور وهذا يقتضي إنزالها جملة واحدة لأنها في معنى واحد من الحجة وإن تصرف ذلك بوجوه كثيرة وعليها بنى المتكلمون أصول الدين لأن فيها آيات بينات ترد على القدرية دون السور التي تذكر والمذكورات ، وسنزيد ذلك بيانا إن شاء الله بحول الله تعالى .
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون
فيه خمس مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الحمد لله بدأ سبحانه فاتحتها بالحمد على نفسه ، وإثبات الألوهية ، أي : إن الحمد كله له فلا شريك له ، فإن قيل : فقد افتتح غيرها بالحمد لله فكان الاجتزاء بواحدة يغني عن سائره ، فيقال : لأن لكل واحدة منه معنى في موضعه لا يؤدي عنه
[ ص: 297 ] غيره من أجل عقده بالنعم المختلفة ، وأيضا فلما فيه من الحجة في هذا الموضع على الذين هم بربهم يعدلون ، وقد تقدم معنى الحمد في الفاتحة .
الثانية : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الذي خلق السماوات والأرض أخبر عن قدرته وعلمه وإرادته فقال : الذي خلق ، أي : اخترع وأوجد وأنشأ وابتدع والخلق يكون بمعنى الاختراع ويكون بمعنى التقدير ، وقد تقدم وكلاهما مراد هنا وذلك دليل على حدوثهما فرفع السماء بغير عمد وجعلها مستوية من غير أود ، وجعل فيها الشمس والقمر آيتين وزينها بالنجوم وأودعها السحاب والغيوم علامتين ، وبسط الأرض وأودعها الأرزاق والنبات ، وبث فيها من كل دابة آيات جعل فيها الجبال أوتادا ، وسبلا فجاجا ، وأجرى فيها الأنهار والبحار ، وفجر فيها العيون من الأحجار ، دلالات على وحدانيته ، وعظيم قدرته وأنه هو الله الواحد القهار ، وبين بخلقه السماوات والأرض أنه خالق كل شيء .
الثالثة : خرج
مسلم قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=15972سريج بن يونس ،
وهارون بن عبد الله ، قالا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15697حجاج بن محمد ، قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : أخبرني
إسماعيل بن أمية ، عن
أيوب بن خالد ، عن
عبد الله بن رافع مولى
أم سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830723خلق الله عز وجل التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد وخلق الشجر يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الأربعاء وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل .
قلت : أدخل العلماء هذا الحديث تفسيرا لفاتحة هذه السورة ; قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وزعم أهل العلم بالحديث أنه غير محفوظ لمخالفة ما عليه أهل التفسير وأهل التواريخ . وزعم بعضهم أن
إسماعيل بن أمية إنما أخذه عن
إبراهيم بن أبي يحيى ، عن
أيوب بن خالد ،
وإبراهيم غير محتج به ، وذكر
محمد بن يحيى ، قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني عن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبى هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=830724خلق الله التربة يوم السبت . فقال
علي : هذا حديث مدني رواه
هشام بن يوسف ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
إسماعيل بن أمية ، عن
أيوب بن خالد ، عن
أبي رافع مولى أم سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839247أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي . قال علي : وشبك بيدي إبراهيم بن أبي يحيى ، فقال لي : شبك بيدي أيوب بن خالد ، وقال لي شبك بيدي عبد الله بن رافع ، وقال لي : شبك بيدي nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ، وقال لي : شبك بيدي أبو القاسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : خلق الله الأرض يوم السبت فذكر
[ ص: 298 ] الحديث بنحوه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني : وما أرى
إسماعيل بن أمية أخذ هذا الأمر إلا من
إبراهيم بن أبي يحيى ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وقد تابعه على ذلك
موسى بن عبيدة الربذي ، عن
أيوب بن خالد إلا أن
موسى بن عبيدة ضعيف . وروي عن
بكر بن الشرود ، عن
إبراهيم بن أبي يحيى ، عن
صفوان بن سليم ، عن
أيوب بن خالد ، وإسناده ضعيف ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839248إن في الجمعة ساعة لا يوافقها أحد يسأل الله عز وجل فيها شيئا إلا أعطاه إياه قال : فقال nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام : إن الله عز وجل ابتدأ الخلق فخلق الأرض يوم الأحد ويوم الاثنين ، وخلق السماوات يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ، وخلق الأقوات وما في الأرض يوم الخميس ويوم الجمعة إلى صلاة العصر ، وما بين صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس خلق آدم . خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي .
قلت : وفيه أن الله تعالى بدأ الخلق يوم الأحد لا يوم السبت . وكذلك تقدم في البقرة عن
ابن مسعود وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتقدم فيها الاختلاف أيما خلق أولا الأرض أو السماء مستوفى والحمد لله .
الرابعة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1وجعل الظلمات والنور ذكر بعد خلق الجواهر خلق الأعراض لكون الجوهر لا يستغني عنه وما لا يستغني عن الحوادث فهو حادث . والجوهر في اصطلاح المتكلمين هو الجزء الذي لا يتجزأ الحامل للعرض ، وقد أتينا على ذكره في الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى في اسمه " الواحد " ، وسمي العرض عرضا ، لأنه يعرض في الجسم والجوهر فيتغير به من حال إلى حال ، والجسم هو المجتمع ، وأقل ما يقع عليه اسم الجسم جوهران مجتمعان ، وهذه الاصطلاحات وإن لم تكن موجودة في الصدر الأول فقد دل عليها معنى الكتاب والسنة ، فلا معنى لإنكارها ، وقد استعملها العلماء واصطلحوا عليها وبنوا عليها كلامهم ، وقتلوا بها خصومهم ، كما تقدم في البقرة . واختلف العلماء في المعنى المراد بالظلمات والنور ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي وقتادة وجمهور المفسرين : المراد سواد الليل وضياء النهار ، وقال
الحسن : الكفر والإيمان ، قال
ابن عطية : وهذا خروج عن الظاهر .
قلت : اللفظ يعمه ، وفي التنزيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=122أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ، والأرض هنا اسم للجنس فإفرادها في اللفظ بمنزلة جمعها ، وكذلك والنور ومثله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=67ثم يخرجكم طفلا وقال الشاعر :
[ ص: 299 ] كلوا في بعض بطنكم تعفوا فإن زمانكم زمن خميص
وقد تقدم وجعل هنا بمعنى خلق لا يجوز غيره قاله
ابن عطية .
قلت : وعليه يتفق اللفظ والمعنى في النسق ، فيكون الجمع معطوفا على الجمع ، والمفرد معطوفا على المفرد ، فيتجانس اللفظ وتظهر الفصاحة ، والله أعلم ، وقيل : جمع الظلمات ووحد النور لأن الظلمات لا تتعدى والنور يتعدى ، وحكى
الثعلبي أن بعض أهل المعاني قال : جعل هنا زائدة والعرب تزيد " جعل " في الكلام كقول الشاعر :
وقد جعلت أرى الاثنين أربعة والواحد اثنين لما هدني الكبر
قال
النحاس : جعل بمعنى خلق وإذا كانت بمعنى خلق لم تتعد إلا إلى مفعول واحد . وقد تقدم هذا المعنى ، ومحامل ( جعل ) في " البقرة " مستوفى .
الخامسة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ابتداء وخبر ، والمعنى : ثم الذين كفروا يجعلون لله عدلا وشريكا ، وهو الذي خلق هذه الأشياء وحده ، قال
ابن عطية : ف ( ثم ) دالة على قبح فعل الكافرين لأن المعنى : أن خلقه السماوات والأرض قد تقرر وآياته قد سطعت ، وإنعامه بذلك قد تبين ، ثم بعد ذلك كله عدلوا بربهم ، فهذا كما تقول : يا فلان ، أعطيتك وأكرمتك وأحسنت إليك ثم تشتمني ، ولو وقع العطف بالواو في هذا ونحوه لم يلزم التوبيخ كلزومه بثم ، والله أعلم .
[ ص: 295 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الْأَنْعَامِ
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ : هِيَ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا إِلَّا آيَتَيْنِ مِنْهَا نَزَلَتَا
بِالْمَدِينَةِ ، قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ نَزَلَتْ فِي
مَالِكِ بْنِ الصَّيْفِ وَكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ الْيَهُودِيَّيْنِ وَالْأُخْرَى قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ نَزَلَتْ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=215ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ الْأَنْصَارِيِّ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ : نَزَلَتْ فِي
مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيُّ . وَقَالَ
الثَّعْلَبِيُّ سُورَةُ " الْأَنْعَامِ " مَكِّيَّةٌ إِلَّا سِتَّ آيَاتٍ نَزَلَتْ
بِالْمَدِينَةِ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِلَى آخِرِ ثَلَاثِ آيَاتٍ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ إِلَى آخِرِ ثَلَاثِ آيَاتٍ قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهِيَ الْآيَاتُ الْمُحْكَمَاتُ وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145قُلْ لَا أَجِدُ نَزَلَ
بِمَكَّةَ يَوْمَ
عَرَفَةَ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي الْخَبَرِ أَنَّهَا نَزَلَتْ جُمْلَةً وَاحِدَةً غَيْرَ السِّتِّ الْآيَاتِ وَشَيَّعَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ مَعَ آيَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهَا اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَلَكٍ وَهِيَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=59وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ نَزَلُوا بِهَا لَيْلًا لَهُمْ زَجَلٌ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكُتَّابَ فَكَتَبُوهَا مِنْ لَيْلَتِهِمْ وَأَسْنَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=12940أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ قَالَ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا
أَبُو حَاتِمٍ رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ مَوْلَى
الْحَضَارِمَةِ ، قَالَ حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو بَكْرٍ الْعُمَرِيُّ ، حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ ، حَدَّثَنِي
عُمَرُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ ، عَنْ
نَافِعٍ أَبِي سَهْلِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839243نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ مَعَهَا مَوْكِبٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ سَدَّ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ لَهُمْ زَجَلٌ بِالتَّسْبِيحِ وَالْأَرْضُ لَهُمْ تَرْتَجُّ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14272الدَّارِمِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مُسْنَدِهِ ، عَنْ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : الْأَنْعَامُ مِنْ نَجَائِبِ الْقُرْآنِ . وَفِيهِ عَنْ
كَعْبٍ ، قَالَ : فَاتِحَةُ " التَّوْرَاةِ "
[ ص: 296 ] فَاتِحَةُ الْأَنْعَامِ وَخَاتِمَتُهَا خَاتِمَةُ " هُودٍ " . وَقَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ أَيْضًا وَذَكَرَ
الْمَهْدَوِيُّ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ إِنَّ " التَّوْرَاةَ " افْتُتِحَتْ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ الْآيَةَ . وَخُتِمَتْ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=111الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ . وَذَكَرَ
الثَّعْلَبِيُّ عَنْ
جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ
مَنْ قَرَأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ " الْأَنْعَامِ " إِلَى قَوْلِهِ : nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=3وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ أَرْبَعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يَكْتُبُونَ لَهُ مِثْلَ عِبَادَتِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيَنْزِلُ مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَمَعَهُ مِرْزَبَّةٌ مِنْ حَدِيدٍ ، فَإِذَا أَرَادَ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوَسْوِسَ لَهُ أَوْ يُوحِيَ فِي قَلْبِهِ شَيْئًا ضَرَبَهُ ضَرْبَةً فَيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ سَبْعُونَ حِجَابًا فَإِذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : امْشِ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي وَكُلْ مِنْ ثِمَارِ جَنَّتِي وَاشْرَبْ مِنْ مَاءِ الْكَوْثَرِ وَاغْتَسِلْ مِنْ مَاءِ السَّلْسَبِيلِ فَأَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ . وَفِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : إِذَا سَرَّكَ أَنْ تَعْلَمَ جَهْلَ الْعَرَبِ فَاقْرَأْ مَا فَوْقَ الثَّلَاثِينَ وَمِائَةٍ مِنْ سُورَةِ " الْأَنْعَامِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=140قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=140وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ تَنْبِيهٌ : قَالَ الْعُلَمَاءُ : هَذِهِ السُّورَةُ أَصْلٌ فِي مُحَاجَّةِ الْمُشْرِكِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُبْتَدِعِينَ وَمَنْ كَذَّبَ بِالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَهَذَا يَقْتَضِي إِنْزَالَهَا جُمْلَةً وَاحِدَةً لِأَنَّهَا فِي مَعْنًى وَاحِدٍ مِنَ الْحُجَّةِ وَإِنْ تَصَرَّفَ ذَلِكَ بِوُجُوهٍ كَثِيرَةٍ وَعَلَيْهَا بَنَى الْمُتَكَلِّمُونَ أُصُولَ الدِّينِ لِأَنَّ فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ تَرُدُّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ دُونَ السُّوَرِ الَّتِي تَذْكُرُ وَالْمَذْكُورَاتِ ، وَسَنَزِيدُ ذَلِكَ بَيَانًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ
فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الْحَمْدُ لِلَّهِ بَدَأَ سُبْحَانَهُ فَاتِحَتَهَا بِالْحَمْدِ عَلَى نَفْسِهِ ، وَإِثْبَاتِ الْأُلُوهِيَّةِ ، أَيْ : إِنَّ الْحَمْدَ كُلَّهُ لَهُ فَلَا شَرِيكَ لَهُ ، فَإِنْ قِيلَ : فَقَدِ افْتُتِحَ غَيْرُهَا بِالْحَمْدِ لِلَّهِ فَكَانَ الِاجْتِزَاءُ بِوَاحِدَةٍ يُغْنِي عَنْ سَائِرِهِ ، فَيُقَالُ : لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُ مَعْنًى فِي مَوْضِعِهِ لَا يُؤَدِّي عَنْهُ
[ ص: 297 ] غَيْرُهُ مِنْ أَجْلِ عَقْدِهِ بِالنِّعَمِ الْمُخْتَلِفَةِ ، وَأَيْضًا فَلِمَا فِيهِ مِنَ الْحُجَّةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى الَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الْحَمْدِ فِي الْفَاتِحَةِ .
الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَخْبَرَ عَنْ قُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ وَإِرَادَتِهِ فَقَالَ : الَّذِي خَلَقَ ، أَيِ : اخْتَرَعَ وَأَوْجَدَ وَأَنْشَأَ وَابْتَدَعَ وَالْخَلْقُ يَكُونُ بِمَعْنَى الِاخْتِرَاعِ وَيَكُونُ بِمَعْنَى التَّقْدِيرِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ وَكِلَاهُمَا مُرَادٌ هُنَا وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى حُدُوثِهِمَا فَرَفَعَ السَّمَاءَ بِغَيْرِ عَمَدٍ وَجَعَلَهَا مُسْتَوِيَةً مِنْ غَيْرِ أَوَدٍ ، وَجَعَلَ فِيهَا الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَيْنِ وَزَيَّنَهَا بِالنُّجُومِ وَأَوْدَعَهَا السَّحَابَ وَالْغُيُومَ عَلَامَتَيْنِ ، وَبَسَطَ الْأَرْضَ وَأَوْدَعَهَا الْأَرْزَاقَ وَالنَّبَاتَ ، وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ آيَاتٍ جَعَلَ فِيهَا الْجِبَالَ أَوْتَادًا ، وَسُبُلًا فِجَاجًا ، وَأَجْرَى فِيهَا الْأَنْهَارَ وَالْبِحَارَ ، وَفَجَّرَ فِيهَا الْعُيُونَ مِنَ الْأَحْجَارِ ، دَلَالَاتٍ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ ، وَعَظِيمِ قُدْرَتِهِ وَأَنَّهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ، وَبَيَّنَ بِخَلْقِهِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ .
الثَّالِثَةُ : خَرَّجَ
مُسْلِمٌ قَالَ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=15972سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ ،
وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَا : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15697حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ : أَخْبَرَنِي
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ ، عَنْ
أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى
أُمِّ سَلَمَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830723خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَخَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي آخِرِ الْخَلْقِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ .
قُلْتُ : أَدْخَلَ الْعُلَمَاءُ هَذَا الْحَدِيثَ تَفْسِيرًا لِفَاتِحَةِ هَذِهِ السُّورَةِ ; قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ : وَزَعَمَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ أَنَّهُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ لِمُخَالَفَةِ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ التَّفْسِيرِ وَأَهْلُ التَّوَارِيخِ . وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ
إِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ إِنَّمَا أَخَذَهُ عَنْ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى ، عَنْ
أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ ،
وَإِبْرَاهِيمَ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ ، وَذَكَرَ
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : سَأَلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=16604عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ عَنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبَى هُرَيْرَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=830724خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ . فَقَالَ
عَلِيٌّ : هَذَا حَدِيثٌ مَدَنِيٌّ رَوَاهُ
هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ ، عَنْ
أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ
أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839247أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِي . قَالَ عَلِيٌّ : وَشَبَّكَ بِيَدِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى ، فَقَالَ لِي : شَبَّكَ بِيَدِي أَيُّوبُ بْنُ خَالِدٍ ، وَقَالَ لِي شَبَّكَ بِيَدِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ ، وَقَالَ لِي : شَبَّكَ بِيَدِي nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ ، وَقَالَ لِي : شَبَّكَ بِيَدِي أَبُو الْقَاسِمِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ يَوْمَ السَّبْتِ فَذَكَرَ
[ ص: 298 ] الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16604عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ : وَمَا أَرَى
إِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ أَخَذَ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا مِنْ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ : وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ
مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ ، عَنْ
أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ إِلَّا أَنَّ
مُوسَى بْنَ عُبَيْدَةَ ضَعِيفٌ . وَرُوِيَ عَنْ
بَكْرِ بْنِ الشَّرُودِ ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى ، عَنْ
صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، عَنْ
أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=839248إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا أَحَدٌ يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ قَالَ : فَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ابْتَدَأَ الْخَلْقَ فَخَلَقَ الْأَرْضَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَيَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ، وَخَلَقَ الْأَقْوَاتَ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ ، وَمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ خَلَقَ آدَمَ . خَرَّجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ .
قُلْتُ : وَفِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَدَأَ الْخَلْقَ يَوْمَ الْأَحَدِ لَا يَوْمَ السَّبْتِ . وَكَذَلِكَ تَقَدَّمَ فِي الْبَقَرَةِ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَدَّمَ فِيهَا الِاخْتِلَافُ أَيُّمَا خُلِقَ أَوَّلًا الْأَرْضُ أَوِ السَّمَاءُ مُسْتَوْفًى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ .
الرَّابِعَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ذَكَرَ بَعْدَ خَلْقِ الْجَوَاهِرِ خَلْقَ الْأَعْرَاضِ لِكَوْنِ الْجَوْهَرِ لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ وَمَا لَا يَسْتَغْنِي عَنِ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ . وَالْجَوْهَرُ فِي اصْطِلَاحِ الْمُتَكَلِّمِينَ هُوَ الْجُزْءُ الَّذِي لَا يَتَجَزَّأُ الْحَامِلُ لِلْعَرَضِ ، وَقَدْ أَتَيْنَا عَلَى ذِكْرِهِ فِي الْكِتَابِ الْأَسْنَى فِي شَرْحِ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى فِي اسْمِهِ " الْوَاحِدِ " ، وَسُمِّيَ الْعَرَضُ عَرَضًا ، لِأَنَّهُ يَعْرِضُ فِي الْجِسْمِ وَالْجَوْهَرِ فَيَتَغَيَّرُ بِهِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ ، وَالْجِسْمُ هُوَ الْمُجْتَمَعُ ، وَأَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجِسْمِ جَوْهَرَانِ مُجْتَمِعَانِ ، وَهَذِهِ الِاصْطِلَاحَاتُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ فَقَدْ دَلَّ عَلَيْهَا مَعْنَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، فَلَا مَعْنَى لِإِنْكَارِهَا ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَهَا الْعُلَمَاءُ وَاصْطَلَحُوا عَلَيْهَا وَبَنَوْا عَلَيْهَا كَلَامَهُمْ ، وَقَتَلُوا بِهَا خُصُومَهُمْ ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَقَرَةِ . وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَعْنَى الْمُرَادِ بِالظُّلُمَاتِ وَالنُّورِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ وَقَتَادَةُ وَجُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ : الْمُرَادُ سَوَادُ اللَّيْلِ وَضِيَاءُ النَّهَارِ ، وَقَالَ
الْحَسَنُ : الْكُفْرُ وَالْإِيمَانُ ، قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهَذَا خُرُوجٌ عَنِ الظَّاهِرِ .
قُلْتُ : اللَّفْظُ يَعُمُّهُ ، وَفِي التَّنْزِيلِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=122أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ ، وَالْأَرْضُ هُنَا اسْمٌ لِلْجِنْسِ فَإِفْرَادُهَا فِي اللَّفْظِ بِمَنْزِلَةِ جَمْعِهَا ، وَكَذَلِكَ وَالنُّورُ وَمِثْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=67ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا وَقَالَ الشَّاعِرُ :
[ ص: 299 ] كُلُوا فِي بَعْضِ بَطْنِكُمْ تَعِفُّوا فَإِنَّ زَمَانَكُمْ زَمَنٌ خَمِيصٌ
وَقَدْ تَقَدَّمَ وَجَعَلَ هُنَا بِمَعْنَى خَلَقَ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ قَالَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ .
قُلْتُ : وَعَلَيْهِ يَتَّفِقُ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى فِي النَّسَقِ ، فَيَكُونُ الْجَمْعُ مَعْطُوفًا عَلَى الْجَمْعِ ، وَالْمُفْرَدُ مَعْطُوفًا عَلَى الْمُفْرَدِ ، فَيَتَجَانَسُ اللَّفْظُ وَتَظْهَرُ الْفَصَاحَةُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَقِيلَ : جَمَعَ الظُّلُمَاتِ وَوَحَّدَ النُّورَ لِأَنَّ الظُّلُمَاتِ لَا تَتَعَدَّى وَالنُّورَ يَتَعَدَّى ، وَحَكَى
الثَّعْلَبِيُّ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْمَعَانِي قَالَ : جَعَلَ هُنَا زَائِدَةً وَالْعَرَبُ تَزِيدُ " جَعَلَ " فِي الْكَلَامِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ :
وَقَدْ جَعَلْتُ أَرَى الِاثْنَيْنِ أَرْبَعَةً وَالْوَاحِدَ اثْنَيْنِ لَمَّا هَدَّنِي الْكِبَرُ
قَالَ
النَّحَّاسُ : جَعَلَ بِمَعْنَى خَلَقَ وَإِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى خَلَقَ لَمْ تَتَعَدَّ إِلَّا إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ . وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى ، وَمَحَامِلُ ( جَعَلَ ) فِي " الْبَقَرَةِ " مُسْتَوْفًى .
الْخَامِسَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ ، وَالْمَعْنَى : ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَجْعَلُونَ لِلَّهِ عَدْلًا وَشَرِيكًا ، وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ وَحْدَهُ ، قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : فَ ( ثُمَّ ) دَالَّةٌ عَلَى قُبْحِ فِعْلِ الْكَافِرِينَ لِأَنَّ الْمَعْنَى : أَنَّ خَلْقَهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَدْ تَقَرَّرَ وَآيَاتَهُ قَدْ سَطَعَتْ ، وَإِنْعَامَهُ بِذَلِكَ قَدْ تَبَيَّنَ ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ عَدَلُوا بِرَبِّهِمْ ، فَهَذَا كَمَا تَقُولُ : يَا فُلَانُ ، أَعْطَيْتُكَ وَأَكْرَمْتُكَ وَأَحْسَنْتُ إِلَيْكَ ثُمَّ تَشْتُمُنِي ، وَلَوْ وَقَعَ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ لَمْ يَلْزَمِ التَّوْبِيخُ كَلُزُومِهِ بِثُمَّ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .