المسألة التاسعة عشرة : قوله تعالى { وفي سبيل الله } : قال : سبل الله كثيرة ، ولكني لا أعلم خلافا في أن مالك هاهنا الغزو من جملة سبيل الله ، إلا ما يؤثر عن المراد بسبيل الله أحمد وإسحاق فإنهما قالا : إنه الحج .
والذي يصح عندي من قولهما أن الحج من جملة السبل مع الغزو ; لأنه طريق بر ، فأعطي منه باسم السبيل ، وهذا يحل عقد الباب ، ويخرم قانون الشريعة ، وينثر سلك النظر ، وما جاء قط بإعطاء الزكاة في الحج أثر .
وقد قال علماؤنا : ويعطى منها الفقير بغير خلاف ; لأنه قد سمي في أول الآية ، ويعطى الغني عند بوصف سبيل الله تعالى ، ولو كان غنيا في بلده أو في موضعه الذي يأخذ به ، لا يلتفت إلى غير ذلك من قوله الذي يؤثر عنه . مالك
قال النبي صلى الله عليه وسلم : { } . لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة : غاز في سبيل الله
وقال : لا يعطى الغازي [ في سبيل الله ] إلا إذا كان فقيرا ، وهذه زيادة على النص ، وعنده أن الزيادة على النص نسخ ، ولا نسخ في القرآن إلا بقرآن مثله أو بخبر متواتر . أبو حنيفة
وقد بينا أنه فعل مثل هذا في الخمس في قوله : { ولذي القربى } ; فشرط في قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الفقر ; وحينئذ يعطون من الخمس .
وهذا كله ضعيف حسبما بيناه .
[ ص: 534 ] وقال محمد بن عبد الحكم : يعطى من الصدقة في الكراع والسلاح ، وما يحتاج إليه من آلات الحرب ، وكف العدو عن الحوزة ; لأنه كله من سبيل الغزو ومنفعته .
{ سهل بن أبي حثمة إطفاء للثائرة } . وقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم من الصدقة مائة ناقة في نازلة