فصل
الأصل الثاني: أن هذه لأن ضبطها ليس من الدين، المشاهد والقبور المضافة إلى الأنبياء والصالحين إنما اضطرب النقل فيها، ووقع فيها الكذب والاشتباه بقوله: والله تعالى قد ضمن حفظ ما نزله من الذكر إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ، والله قد نزل الكتاب والحكمة، كما قال تعالى: واذكروا نعمت الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة ، والحكمة: السنة، كما قال ذلك [ ص: 162 ] غير واحد من السلف، كقتادة ويحيى بن أبي كثير وغيرهم، بدليل قوله: والشافعي واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة ، والذي كان يتلى في بيوتهن هو القرآن والسنة، فالذكر الذي نزله الله ضمن حفظه، فلهذا كانت الشريعة محفوظة مضبوطة، ومن الشريعة أن هذه المشاهد والقبور لا تتخذ أربابا، بل نوعان: شرعية وبدعية: زيارة القبور
فالزيارة الشرعية أن يسلم على الميت ويدعو له، كما يصلي على جنازته، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقول قائلهم: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم".
فهذا الدعاء للميت من جنس الدعاء على جنازته إذا حضرت، وقد قال الله تعالى لنبيه في حق المنافقين: ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ، فلما نهاه عن الصلاة على المنافقين والقيام على قبورهم دل ذلك بطريق مفهوم الخطاب وتعليله على وقد فسر ذلك القيام على قبورهم بالدعاء لهم، فالمؤمن يقام على قبره بالدعاء له، فهذا [ ص: 163 ] هو المشروع. أن المؤمنين يصلى عليهم ويقام على قبورهم،