[ ص: 21 ] مسائل من الفتاوى المصرية
[ ص: 22 ] بسم الله الرحمن الرحيم
مسألة
في
nindex.php?page=treesubj&link=30527_32064_24992شرح الحديث الذي ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14155الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" nindex.php?page=hadith&LINKID=655851عن nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله! علمني دعاء أدعو به في صلاتي، فقال: قل: "اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم" .
شرحه
الحكيم فقال: هذا عبد اعترف بالظلم، ثم التجأ إليه مضطرا، لا يجد لذنبه ساترا غيره، ثم سأله مغفرة من عنده.
والأشياء كلها من عنده، ولكن أراد شيئا مخصوصا ليس مما بذله للعامة، فلله تعالى رحمة قد عمت الخلق برهم وفاجرهم، سعيدهم وشقيهم، في أرزاقهم ومعايشهم وأحوالهم; ثم له رحمة خص بها المؤمنين، وهي رحمة الإيمان، ثم له رحمة خص بها المتقين، وهي رحمة الطاعة لله تعالى; ولله رحمة خص بها الأولياء نالوا بها الولاية، وله رحمة خص بها الأنبياء نالوا بها النبوة. ولما ذكر في
[ ص: 24 ] تنزيله الأنبياء قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=50ووهبنا لهم من رحمتنا . وقال الراسخون في العلم:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=8وهب لنا من لدنك رحمة . فإنما سألوه رحمة من عنده.
فهذا صورة ما شرحه
nindex.php?page=showalam&ids=14155الحكيم الترمذي، ولم يذكر صفة الظلم وأنواعه كما ذكر صفات الرحمة.
والمسئول شرح ما مفهوم قول
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق: nindex.php?page=hadith&LINKID=655851 "ظلمت نفسي ظلما كثيرا"؟ والذنب بين يدي الله تعالى لا يحتمل المجاز،
nindex.php?page=showalam&ids=1والصديق من أئمة السابقين، والرسول صلى الله عليه وسلم أمره بذلك، فسيدي بسط القول في ذلك مما يفهمه السائل، وما هو الظلم الذي نسبه
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق إلى نفسه كما علمه النبي صلى الله عليه وسلم؟
أجاب
الحمد لله.
nindex.php?page=treesubj&link=29488_32041الدعاء الذي فيه اعتراف العبد بظلم نفسه ليس من خصائص الصديقين ومن دونهم، بل هو من الأدعية التي يدعو بها الأنبياء وهم أفضل الخلق، قال الله تعالى عن آدم وحواء:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=23قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ، وقال
موسى عليه السلام:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=16رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم [ ص: 25 ] ، وقد دعا غيرهم بنحو هذا الدعاء، كقول
الخليل عليه السلام:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=41ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ، وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=82والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ، وقال هو
وإسماعيل: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ، وقال
موسى عليه السلام:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=155أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=156واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك ، وقال
نوح عليه السلام:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=47رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين ، وقال
يونس: nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .
[ ص: 21 ] مَسَائِلُ مِنَ الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ
[ ص: 22 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مَسْأَلَةٌ
فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30527_32064_24992شَرْحِ الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ nindex.php?page=showalam&ids=14155الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي "نَوَادِرِ الْأُصُولِ" nindex.php?page=hadith&LINKID=655851عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي، فَقَالَ: قُلِ: "اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" .
شَرَحَهُ
الْحَكِيمُ فَقَالَ: هَذَا عَبْدٌ اعْتَرَفَ بِالظُّلْمِ، ثُمَّ الْتَجَأَ إِلَيْهِ مُضْطَرًّا، لَا يَجِدُ لِذَنْبِهِ سَاتِرًا غَيْرَهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِهِ.
وَالْأَشْيَاءُ كُلُّهَا مِنْ عِنْدِهِ، وَلَكِنْ أَرَادَ شَيْئًا مَخْصُوصًا لَيْسَ مِمَّا بَذَلَهُ لِلْعَامَّةِ، فَلِلَّهِ تَعَالَى رَحْمَةٌ قَدْ عَمَّتِ الْخَلْقَ بَرَّهُمْ وَفَاجِرَهُمْ، سَعِيدَهُمْ وَشَقِيَّهُمْ، فِي أَرْزَاقِهِمْ وَمَعَايِشِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ; ثُمَّ لَهُ رَحْمَةٌ خَصَّ بِهَا الْمُؤْمِنِينَ، وَهِيَ رَحْمَةُ الْإِيمَانِ، ثُمَّ لَهُ رَحْمَةٌ خَصَّ بِهَا الْمُتَّقِينَ، وَهِيَ رَحْمَةُ الطَّاعَةِ لِلَّهِ تَعَالَى; وَلِلَّهِ رَحْمَةٌ خَصَّ بِهَا الْأَوْلِيَاءَ نَالُوا بِهَا الْوِلَايَةَ، وَلَهُ رَحْمَةٌ خَصَّ بِهَا الْأَنْبِيَاءَ نَالُوا بِهَا النُّبُوَّةَ. وَلَمَّا ذَكَرَ فِي
[ ص: 24 ] تَنْزِيلِهِ الْأَنْبِيَاءَ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=50وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا . وَقَالَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=8وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً . فَإِنَّمَا سَأَلُوهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ.
فَهَذَا صُورَةُ مَا شَرَحَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14155الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ، وَلَمْ يَذْكُرْ صِفَةَ الظُّلْمِ وَأَنْوَاعَهُ كَمَا ذَكَرَ صِفَاتِ الرَّحْمَةِ.
وَالْمَسْئُولُ شَرْحُ مَا مَفْهُومُ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقِ: nindex.php?page=hadith&LINKID=655851 "ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا"؟ وَالذَّنْبُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَحْتَمِلُ الْمَجَازَ،
nindex.php?page=showalam&ids=1وَالصِّدِّيقُ مِنْ أَئِمَّةِ السَّابِقِينَ، وَالرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، فَسَيِّدِي بَسَطَ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ مِمَّا يَفْهَمُهُ السَّائِلُ، وَمَا هُوَ الظُّلْمُ الَّذِي نَسَبَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=1الصَّدِيقُ إِلَى نَفْسِهِ كَمَا عَلَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
أَجَابَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ.
nindex.php?page=treesubj&link=29488_32041الدُّعَاءُ الَّذِي فِيهِ اعْتِرَافُ الْعَبْدِ بِظُلْمِ نَفْسِهِ لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِ الصِّدِّيقِينَ وَمَنْ دُونَهُمْ، بَلْ هُوَ مِنَ الْأَدْعِيَةِ الَّتِي يَدْعُو بِهَا الْأَنْبِيَاءُ وَهُمْ أَفْضَلُ الْخَلْقِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=23قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ، وَقَالَ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=16رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [ ص: 25 ] ، وَقَدْ دَعَا غَيْرُهُمْ بِنَحْوِ هَذَا الدُّعَاءِ، كَقَوْلِ
الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=41رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ، وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=82وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ، وَقَالَ هُوَ
وَإِسْمَاعِيلُ: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=128رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ، وَقَالَ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=155أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=156وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ، وَقَالَ
نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=47رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ، وَقَالَ
يُونُسُ: nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ .