وأما فهذا أيضا يستتاب، فإن تاب وإلا قتل عند جماهير الأئمة كمالك إن أقر الواحد من هؤلاء بوجوب الصلاة وامتنع من فعلها والشافعي ويقتل في ظاهر مذهبهم بترك صلاة واحدة، فإذا مضى من وقت صلاة الفجر قيل له: صل، فإن لم يصل حل دمه ولو طار في الهواء ومشى على الماء، فإن الدجال يأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت، ويستتبع معه الكنوز، ومع هذا فهو كافر من خلق الله، يقتله وأحمد، المسيح بن مريم على باب الشرقي. ولكن لا يقتل [ ص: 121 ] حتى يستتاب. وهل هذه الاستتابة واجبة، أو مستحبة هي موقتة ثلاثة أيام؟ هذا فيه نزاع معروف.
وإذا قتل فهل يقتل كافرا مرتدا لا يدفن في مقابر المسلمين ولا يغسل ولا يصلى عليه، أو يقتل فاسقا كقتل قاطع الطريق والزاني إذا كان مقرا بوجوبها؟ على قولين مشهورين هما روايتان عن وكلام أكثر السلف يدل على تكفيره، وقد رجحه كثير من أصحاب أحمد. وبعض أصحاب أحمد مالك وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: والشافعي. وقال: "ليس بين العبد وبين الشرك إلا ترك الصلاة"، "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر".
وقال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب محمد لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفرا إلا الصلاة. وقال لما قيل: الصلاة، فقال لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، ولم يقل ثلاثة أيام. وسئل عمر بن الخطاب وغيره عن قوله ابن مسعود فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة ، فقال: إضاعتها تأخيرها عن وقتها، فقالوا: ما كنا نحسب ذلك إلا تركها، فقال: لو تركوها لكانوا كفارا، وقد قال سبحانه وتعالى: فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون . وإذا كان هذا الوعيد لمن نسيها عن وقتها، فكيف بمن تركها؟ [ ص: 122 ]