مسألة
في ولازم الصلوات الخمس، ولم يتفرغ لقضاء ما فاته من الصلوات، فهل -والحالة هذه- يطالبه الله بذلك أم لا؟ رجل مضى عليه زمن لم يصل فيه، ثم تاب
الجواب
الحمد لله. أما إن كان أولا ممن لا يعتقد وجوب الصلاة ويعزم على فعلها فهذا في الباطن ليس بمؤمن، وإن كان في الظاهر مسلما، كالمنافقين الذين تجري عليهم أحكام الإسلام الظاهرة، وهم في الآخرة في الدرك الأسفل من النار. وإن لم يكن مكذبا في الباطن للرسول، بل قد يكون مقرا في الباطن بصدقه، أو معرضا عن تصديقه وتكذيبه، وهو مع ذلك معرض عما جاء به، لا يخطر بقلبه الصلاة هل هي واجبة أو ليست واجبة؟ وهل يلزمه فعلها أو لا يلزمه؟ وإن خطر ذلك بقلبه أعرض عنه، واشتغل بأمور دنياه وشهواته عن أن يعتقد الوجوب ويعزم على الفعل، فهؤلاء وإن صلوا لم تقبل صلاتهم. قال تعالى: إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ، [ ص: 108 ] وقال تعالى: فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون .
وهذا إذا تاب فاعتقد الوجوب، وعزم على الفعل، وأقام الصلاة، كان بمنزلة من قد تاب من الزكاة، وهذا على أصح قولي العلماء وأكثرهم لا يوجب عليه قضاء ما تركه قبل الإسلام من صلاة وغيرها، ولهذا لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يأمر من تاب من المنافقين بإعادة ما فعلوه أو تركوه في حال نفاقهم، ولا أمر من تاب من المرتدين بقضاء ما تركوه في حال الردة. وكذلك الصديق والصحابة لما قاتلوا المرتدين لم يأمروهم بقضاء ما تركوه في حال الردة، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك في ظاهر مذهبه، أنه يجب وأحمد وفي قضاء ما تركه قبل الردة روايتان عن على المرتد إذا أسلم أن يقضي ما تركه حال الردة، ومذهب أحمد، أبي حنيفة أنه لا يجب عليه قضاء شيء من ذلك، ومذهب ومالك يقضي الجميع، وقد بنوا ذلك على أن الردة هل تحبط مطلقا أو بشرط الموت عليها؟ وفي هذا البناء وتقرير هذه المسائل كلام ليس هذا موضعه، فإن المسئول عنه قد عرف حكمه بالسنة المعروفة، مع ما دل عليه القرآن في قوله: الشافعي: قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف .
وقد أجمع المسلمون على أن لا يجب عليه قضاء شيء من هذه الفرائض، مع قول الجمهور إنه يعاقب على تركها في الآخرة إذا لم يسلم. الكافر لا يصلي، سواء كان حربيا أو ذميا،