الرخصة
فهي لغة : اليسر والسهولة ، ومنه رخص السعر إذا تراجع وسهل الشراء ، وفيها لغات ثلاث : رخصة بضم الراء والخاء ، ورخصة بإسكان الخاء ، فيجوز أن تكون مخففة من الأولى ، ويجوز أن تكون كل واحدة أصلا بنفسها ، والثالثة : خرصة بتقديم الخاء حكاها وأما الرخصة الفارابي ، والظاهر : أنها مقلوبة من الأولى ، وقد اشتهر على ألسن الناس فتح الخاء ولا يشهد له سماع ولا قياس ، لأن " فعلة " تكون للفاعل كهمزة ولمزة وضحكة ، وللمفعول كلقطة ، فقياسه إن ثبت هنا : أن يكون اسما للكثير الرخيص على غيره إذا فشا الرخص فيه .
وقال الآمدي في الإحكام " : الرخصة بفتح الخاء : الأخذ بالرخصة ، فيحتمل أنه أراد بالأخذ المصدر ، ويحتمل أراد اسم الفاعل ، والقياس الأول وهو المنقول .
وأما في الاصطلاح : فقد اختلف فيه ، فقال الإمام الرازي : ما جاز فعله مع قيام المقتضي للمنع ، وأورد عليه أن الرخصة هي الحكم ، وأنها [ ص: 32 ] قد تكون بجواز الترك ، وأن التكاليف كلها كذلك ، لأنها على خلاف التخفيف الذي هو الأصل ، كذا قاله القرافي ، وفيه نظر ، لأن التكاليف كلها بعض ما هو يستحق على العبد لله تعالى فهو ماش على الأصل . وقال القرافي : طلب الفعل السالم عن المانع المشتهر ، واحترز بالمشتهر عن نحو ما تقدم ، ثم أورد على نفسه العقود المخالفة للقياس كالسلم والمسابقة .
وقال الهندي : ما جاز فعله أو تركه مع قيام المانع منه ، ويرد عليه كثير مما تقدم .
وقيل : ما لزم العباد بإيجابه تعالى وفيه نظر .
وقيل : ما خرج عن الوضع الأصلي لعارض .
وقال : المشروع لعذر مع قيام المحرم لولا العذر ، ويرد عليه التعبد بالتحريم . ابن الحاجب
وقيل : استباحة المحظور مع قيام المحرم ، فإن أريد إباحة المحظور مع قيام المحرم بلا حرمة فهو قول بتخصيص العلة ، وإن أريد إباحة المحظور مع قيام الحرمة ، فهو قول بالجمع بين المتضادين ، وكلاهما فاسد .
وقيل : الحكم مع المعارض أي مع قيام الدليل الدال على المنع .
وقيل : الحكم الثابت على خلاف الدليل لعذر مع كونه حراما في حق غير المعذور ، وهو المراد بقول الفقهاء ما ثبت على خلاف القياس أي الشرعي ، لا القياس العقلي المصلحي ، لأنه إنما عدل به عن نظائره لمصلحة راجحة . هذا في جانب الفعل ، وفي جانب الترك أن يوسع للمكلف تركه [ ص: 33 ] مع قيام الوجوب في حق غير المعذور تخفيفا وترفها سواء كان التغيير في وضعه أو حكمه .
: وهو نوعان
أحدهما : أن يتغير الحكم مع بقاء الوصف الذي كان عليه بأن يكون في نفسه محرما مع سقوط حكمه ، كإجراء كلمة الكفر على لسانه حالة الإكراه مع قيام التصديق بالقلب .
والثاني : أن يسقط الحظر والمؤاخذة جميعا كأكل الميتة عند المخمصة حتى لو امتنع ومات فإنه يؤاخذ .