الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
3027 [ 1719 ] وعن nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد nindex.php?page=hadith&LINKID=660035أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " nindex.php?page=treesubj&link=13667لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم".
رواه أحمد ( 5 \ 200 )، والبخاري (6764)، ومسلم (1614)، وأبو داود (2909)، والترمذي (2107)، والنسائي في الكبرى (6371).
وقوله: " لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم "، تضمن هذا الحديث أمرين؛ أحدهما مجمع على منعه وهو nindex.php?page=treesubj&link=13667ميراث الكافر للمسلم، والثاني [ ص: 567 ] مختلف فيه وهو nindex.php?page=treesubj&link=13667ميراث المسلم الكافر - فذهب إلى منعه الجمهور من السلف ومن بعدهم، فمنهم: nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي ، nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، وجمهور أهل الحجاز والعراق : nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل ، وعامة العلماء. وذهب إلى توريث المسلم من الكافر nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب ومسروق وغيرهم، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري وإسحاق ، والحديث المتقدم حجة عليهم، ويعضده حديث أسامة بن زيد وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " nindex.php?page=hadith&LINKID=664404لا يتوارث أهل ملتين "، ونحوه في كتاب nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وقد احتج للقول الثاني بما خرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=17344يحيى بن يعمر واختصم إليه أخوان - يهودي ومسلم، فورث المسلم منهما وقال: حدثني أبو الأسود أن رجلا حدثه أن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " nindex.php?page=hadith&LINKID=103503الإسلام يزيد ولا ينقص " - فورث المسلم، وبما يحكى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال - إن صح: " nindex.php?page=hadith&LINKID=13838إن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه "، وبقياس الميراث على النكاح، قالوا: كما يجوز لنا أن ننكح نساءهم ولا يجوز لهم أن ينكحوا نساءنا، كذلك يجوز لنا أن نرثهم ولا يرثونا.
قلت : ولا حجة لهم في شيء مما ذكروه، وأما الحديثان فلا يصح منهما شيء؛ أما الأول فلأن فيه مجهولا، وأما الثاني فكلام يحكى ولا يروى سلمنا [ ص: 568 ] صحتهما، لكنا نقول بموجبهما، فإن دين الإسلام لم يزل يزيد إلى أن كمل في الحين الذي أنزل الله تعالى فيه nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3اليوم أكملت لكم دينكم... [المائدة: 3] ولم ينقص من أحكامه ولا شريعته التي شاء الله تعالى بقاءها شيء، وقد أعلاه الله تعالى وأظهره على الدين كله وكما وعدنا تعالى. سلمنا ذلك، لكن الأحاديث الأول أرجح؛ لأنها متفق على صحتها، وهي نصوص في المطلوب، والقياس الذي ذكروه فاسد الوضع لأنه في مقابلة النص ولخلوه عن الجامع، فإذا ثبت هذا فاعلم أن المسلم والكافر المذكورين في الحديث للعموم، فلا مسلما ما يرث كافرا ما ولو كان مرتدا، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15885وربيعة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى - قالوا: nindex.php?page=treesubj&link=13668لا يرث المرتد أحد من المسلمين، وماله فيء لبيت المال.
وخالفهم في ذلك طائفة أخرى فقالوا: إن ورثته من المسلمين يرثونه - وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز ، وروي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود .
وفرقت طائفة ثالثة فقالت: يرث ماله الذي كان له قبل ردته ورثته المسلمون، وما استفاده بعد الردة فيء - وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة ، والعموم المتقدم حجة على هؤلاء الطائفتين.
وقوله: " nindex.php?page=treesubj&link=13667لا يتوارث أهل ملتين " قال بظاهره nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، فلا يرث اليهودي النصراني ولا يرثان المجوسي، وهكذا جميع أهل الملل أخذا بظاهر هذا الحديث. وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وداود : إن الكفار كلهم أهل ملة واحدة، وإنهم يتوارثون - محتجين بقوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=120ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم [البقرة: 120] فوحد الملة. وبقوله: nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=6لكم دينكم ولي دين [الكافرون: 6] والخطاب ب " لكم " للكفار كلهم مع توحيد " دين "، وتأولوا قوله: " nindex.php?page=hadith&LINKID=664404لا يتوارث أهل ملتين " على أن المراد به الإسلام والكفر، كما قال في الحديث الأول: nindex.php?page=hadith&LINKID=656267 "لا يرث المسلم الكافر"، ولا حجة لهم في ذلك.
أما الآية الأولى فلأن ملتهم وإن كانت موحدة في اللفظ فهي مكثرة في المعنى؛ لأنه قد [ ص: 569 ] أضافها إلى ضمير الكثرة، كما تقول: أخذت عن علماء المدينة علمهم - مثلا - وسمعت عليهم حديثهم؛ يعني علومهم وأحاديثهم.
وأما الثانية فلأن الذين نزلت الآية جوابا لهم إنما هم مشركو قريش ، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: تعال نشترك في أمرنا وأمرك؛ تدين بديننا وندين بدينك، فنستوي في الأخذ بالخير ! فأنزلها الله سبحانه وتعالى مخاطبة لهم، وهم صنف واحد من الكفار وهم الوثنيون ، وكيف لا يكون ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وقد قال الله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا [المائدة: 48]؟ فالعرب تزعم أنها على شريعة إبراهيم ، واليهود على شريعة موسى ، والنصارى على شريعة عيسى ، فهي ملل متعددة وشرائع مختلفة.