[زعم العراقي أن لم يذكر اصطلاحا في الزيادات:] الحميدي
7 - قوله: (ع): "والزيادات الموجودة في كتاب ليست في واحد من الكتابين، ولم يروها الحميدي بإسناده فيكون حكمها حكم المستخرجات ولا أظهر لنا اصطلاحا أنه يزيد زوائد التزم فيها الصحة فيقلد فيها". انتهى. الحميدي
وقد اعتمد شيخنا رحمه الله تعالى هذا منظومته فقال: وليت إذ زاد الحميدي ميزا ...
وشرح ذلك بمعنى الذي ذكره هنا: أن لم يميز الزيادات التي [ ص: 301 ] زادها في الجمع ولا اصطلح على أنه لا يزيد إلا ما صح فيقلد في ذلك. وكان شيخنا رضي الله عنه قلد في هذا غيره وإلا فلو راجع كتاب الجمع بين الصحيحين لرأى في خطبته ما دل على ذكره لاصطلاحه في هذه الزيادات وغيرها. الحميدي
ولو تأمل المواضع الزائدة لرآها معزوة إلى من زادها من أصحاب المستخرجات وتبعه على ذلك الشيخ سراج الدين النحوي ، فألحق في كتابه المقنع ما صورته: هذه الزيادات ليس لها حكم الصحيح؛ لأنه ما رواها بسنده كالمستخرج ولا ذكر أنه يزيد ألفاظا واشترط فيها الصحة حتى يقلد في ذلك.
وقال شيخنا شيخ الإسلام أبو حفص البلقيني في محاسن الاصطلاح في هذا الموضع ما صورته: وفي تتمات لا وجود لها في الصحيحين للحميدي ، وهو كما قال الجمع بين الصحيحين . إلا أنه كان ينبغي التنبيه على حكم تلك التتمات لتكمل الفائدة. ابن الصلاح
والدليل على ما ذهبنا إليه من أن أظهر اصطلاحه لما يتعلق بهذه الزيادات موجود في خطبة كتابه إذ قال في أثناء المقدمة ما نصه: وربما أضفنا إلى ذلك نبذا مما نبهنا له من كتب الحميدي أبي الحسن الدارقطني، وأبي بكر الإسماعيلي وأبي بكر الخوارزمي (يعني البرقاني) وأبي مسعود [ ص: 302 ] الدمشقي وغيرهم من الحفاظ الذين عنوا بالصحيح مما يتعلق بالكتابين من تنبيه على غرض أو تتميم لمحذوف أو زيادة من شرح أو بيان لاسم ونسب أو كلام على إسناد أو تتبع لوهم.
فقوله: هو غرضنا هنا وهو يختص بكتابي تتميم لمحذوف أو زيادة الإسماعيلي لأنهما استخرجا على والبرقاني، . واستخرج البخاري على البرقاني . مسلم
وقوله: من تنبيه على غرض أو كلام على إسناد أو تتبع لوهم أو بيان لاسم أو نسب، يختص بكتابي الدارقطني وأبي مسعود ، ذاك في كتاب التتبع وهذا في كتاب الأطراف.
وقوله: مما يتعلق بالكتابين، احترز به عن تصانيفهم التي لا تتعلق بالصحيحين، فإنه لم ينقل منها شيئا هنا.
فهذا قد أظهر اصطلاحه في خطبة كتابه. ثم إنه فيما تتبعته من كتابه إذا ذكر الزيادة في المتن يعزوها لمن زادها من أصحاب المستخرجات وغيرها فإن عزاها لمن استخرج أقرها وإن عزاها لمن لم يستخرج تعقبها غالبا، [ ص: 303 ] لكنه تارة يسوق الحديث من الكتابين أو من أحدهما ثم يقول: مثلا: زاد فيه فلان كذا. وهذا لا إشكال فيه وتارة يسوق الحديث والزيادة جميعا في نسق واحد ثم يقول في عقبه مثلا: اقتصر منه الحميدي على كذا وزاد فيه البخاري كذا وهذا يشكل على الناظر غير المميز؛ لأنه إذا نقل منه حديثا برمته وأغفل كلامه بعده وقع في المحذور الذي حذر منه الإسماعيلي ؛ لأنه حينئذ يعزو على أحد الصحيحين ما ليس فيه، فهذا الحامل ابن الصلاح على الاستثناء المذكور. حيث قال عن لابن الصلاح ... إلى آخره. الحميدي
1 - فمن أمثلة ذلك: أنه قال في مسند العشرة في حديث عن طارق بن شهاب أبي بكر - رضي الله عنه - في قصة وفد بزاخة من أسد وغطفان وأن أبا بكر - رضي الله عنه - خيرهم بين الحرب المجلية والسلم المخزية فساق الحديث بطوله وقال في آخره: اختصره فأخرج طرفا منه. وأخرجه بطوله البخاري . أبو بكر البرقاني
[ ص: 304 ] 2 - ومن ذلك: قوله في مسند - رضي الله عنه – عن أبي سعيد الخدري عن أبي صالح رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبي سعيد . مثلي ومثل النبيين كمثل رجل بنى دارا وأتمها إلا لبنة قال: فجئت أنا فأتممت تلك اللبنة
قال : أحال به الحميدي على حديث مسلم - رضي الله عنه - في هذا المعنى ولم يسق حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - إلا قوله: مثلي ومثل النبيين ثم قال فذكر نحوه. أبي سعيد
قال : وحديث الحميدي - رضي الله تعالى عنه - الذي أحال عليه أزيد لفظا وأتم معنى، ومتن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هو الذي أوردناه بينه أبي سعيد . أبو بكر البرقاني
3 - ومنها: ما ذكره في مسند - رضي الله عنه - في أفراد عبد الله بن مسعود عن البخاري هزيل عن - رضي الله عنه - قال: إن أهل الإسلام لا يسيبون وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون . ابن مسعود
قال : اختصره الحميدي ولم يزد على هذا. وأخرجه بطوله البخاري من تلك الطريق عن أبو بكر البرقاني هزيل قال: جاء رجل إلى عبد الله [ ص: 305 ] - رضي الله عنه - فقال: إني أعتقت عبدا لي سائبة فمات وترك مالا ولم يدع وارثا. فقال عبد الله - رضي الله عنه -: إن أهل الإسلام لا يسيبون كأهل الجاهلية، فإنهم كانوا يسيبون، فأنت ولي نعمته ولك ميراثه، فإن تأثمت أو تحرجت في شيء فنحن نقبله ونجعله في بيت المال .
4 - ومنها ما ذكره في مسند - رضي الله تعالى عنه - قال: الحديث الحادي والثلاثون (يعني من أفراد أبي هريرة ) عن البخاري أبي سعيد المقبري كيسان عن - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أبي هريرة ". من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه
قال : "أخرجه الحميدي في كتابه من حديث أبو بكر البرقاني أحمد بن يونس عن عن ابن أبي ذئب عن أبيه وهو الذي أخرجه سعيد المقبري من طريقه فزاد فيه: "والجهل" بعد قوله: "والعمل به"". انتهى. البخاري
[ ص: 306 ] فانظر كيف لم يسامح بزيادة لفظة واحدة في المتن حتى بينها وأوضح أنها مخرجة من الطريق التي خرجها . فمن يفصل هذا التفصيل كيف يظن به أنه لا يميز بين ألفاظ الصحيحين اللذين جمعهما وبين الألفاظ المزيدة في رواية غيرهما. البخاري
5 - ومنها: ما ذكره في مسند - رضي الله عنهما - في أفراد عبد الله بن عباس عن البخاري قال: سمعت أبي السفر سعيد بن يحمد - رضي الله عنهما - يقول: يا أيها الناس، اسمعوا مني ما أقول لكم، وأسمعوني ما تقولون ولا تذهبوا فتقولوا: قال ابن عباس : من طاف بالبيت، فليطف من وراء ابن عباس الحجر ، ولا تقولوا: الحطيم، فإن الرجل في الجاهلية كان يحلف فيلقي سوطه أو نعله أو قوسه - لم يزد (يعني ) . البخاري
وزاد في الحديث بالإسناد المخرج به: - وأيما صبي حج به أهله فقد قضت حجته عنه ما دام صغيرا، فإذا بلغ فعليه حجة أخرى . البرقاني
وأيما عبد حج به أهله، فقد قضت [حجته] عنه ما دام عبدا فإذا أعتق فعليه حجة أخرى.
[ ص: 307 ] ومن المواضع التي تعقبها على غير أصحاب المستخرجات ما حكاه في مسند عن جابر أنه قال في الأطراف -: حديث أبي مسعود الدمشقي عن أبي خثيمة زهير بن معاوية عن أبي الزبير - رضي الله عنه - قال: جابر سراقة فقال: يا رسول الله ! بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن. أرأيت عمرتنا هذه لعامنا أو للأبد؟
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بل للأبد . جاء
قالوا: يا رسول الله ! فبين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن. فيم العمل اليوم...؟ الحديث.
قال أبو مسعود : رواه عن مسلم أحمد (يعني ابن يونس) ويحيى (يعني ابن يحيى) يعني كلاهما عن زهير .
قال : كذا قال الحميدي أبو مسعود . والحديث عند في القدر كما قال عن مسلم أحمد ويحيى، وليس فيه هذه القصة التي في العمرة [ ص: 308 ]
قال : والحديث في الأصل أطول من هذا، وإنما أخرج الحميدي منه ما أراد وحذف الباقي. مسلم
وقد أورده بطوله في كتابه بالإسناد من حديث أبو بكر البرقاني زهير ، ثم ساقه من عند الحميدي بتمامه. وهذا غاية في التمييز والتبيين والتحري. البرقاني
6 - ونظير هذا سواء. قال أبو مسعود أيضا في ترجمة عن قرة بن خالد عن أبي الزبير - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: جابر . من لقي الله تعالى لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار
قال: - رضي الله عنه - فرفضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر . ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصحيفة عند موته، فأراد أن يكتب لهم كتابا لا يضلوا بعده، فكثر اللغط وتكلم
[ ص: 309 ] قال : من قوله: ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى آخره ليس عند الحميدي وهو في الحديث أخرجه بطوله مسلم من حديث البرقاني قرة ولكن اقتصر على ما أراد منه. مسلما
7 - ومن ذلك: ما ذكره في حديث عن ابن عباس - رضي الله عنهم - قال: علي قال: زاد في الأطراف في روية نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القراءة في الركوع والسجود عن ابن عباس - رضي الله عنهم - النهي عن خاتم الذهب وليس ذلك عندنا في أصل كتاب علي . مسلم
قال : ولعله قد وجد في نسخة أخرى. الحميدي
8 - وقال في مسند - رضي الله عنه - في الحديث الثالث: عن أبي هريرة عن أنس بن مالك - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أبي هريرة . قال الله عز وجل: إذا تقرب عبدي مني شبرا تقربت منه ذراعا، وإذا تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة
لفظ حديث ، زاد مسلم - رضي الله عنه -: ابن مسعود . وإن هرول سعيت إليه، والله تعالى أسرع بالمغفرة
قال : لم أر هذه الزيادة في الكتابين. الحميدي
[ ص: 310 ] قلت: والزيادة المذكورة تفرد بها محمد بن أبي السري العسقلاني ولم يخرجا له. وقد بينت ذلك في تغليق التعليق.
فهذه الأمثلة توضح أن يميز الزيادات التي يزيدها هو أو غيره خلافا لمن نفى ذلك، - والله أعلم - . الحميدي
وقد قرأت في كتاب ( الحافظ أبي سعيد) العلائي في علوم الحديث له قال لما ذكر المستخرجات -: ومنها: البخاري . والمستخرج على الصحيحين للإسماعيلي للبرقاني وهو مشتمل على زيادات كثيرة في تضاعيف متون الأحاديث، وهي التي ذكرها المستخرج على في الجمع بين الصحيحين منبها عليها. الحميدي
هذا لفظه بحروفه وهو عين المدعى ولله الحمد.