18 - قوله: (ص): (ولهذا نرى الإمساك عن الحكم لإسناد أو حديث بأنه الأصح على الإطلاق. على أن جماعة من أئمة الحديث خاضوا غمرة ذلك) . انتهى.
أما الإسناد فهو كما قال قد صرح جماعة من أئمة الحديث بأن إسناد كذا . أصح الأسانيد
وأما الحديث فلا يحفظ عن أحد من أئمة الحديث أنه قال: حديث كذا أصح الأحاديث على الإطلاق؛ لأنه لا يلزم من كون الإسناد أصح من غيره أن [ ص: 248 ] يكون المتن المروي به أصح من المتن المروي بالإسناد المرجوح ، لاحتمال انتفاء العلة عن الثاني ووجودها في الأول.
أو كثرة المتابعات وتوافرها على الثاني دون الأول. فلأجل هذا ما خاض الأئمة إلا في الحكم على الإسناد خاصة. وليس الخوض فيه يمتنع؛ لأن الرواة قد ضبطوا، وعرفت أحوالهم وتفاريق مراتبهم، فأمكن الاطلاع على الترجيح بينهم. وسبب الاختلاف في ذلك إنما هو من جهة أن كل من رجح إسنادا كانت أوصاف رجال ذلك الإسناد عنده أقوى من غيره بحسب اطلاعه، فاختلفت أقوالهم، لاختلاف اجتهادهم.
وتوضيح هذا أن كثيرا ممن نقل عنه الكلام في ذلك إنما يرجح إسناد أهل بلده، وذلك لشدة اعتنائه.
فروينا في الجامع من طريق للخطيب قال: سمعت أحمد بن سعيد الدارمي يقول: قيل محمود بن غيلان : لوكيع بن جراح
يحدث عن أبيه عن هشام بن عروة عائشة - رضي الله عنها [ ص: 249 ] وأفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة - رضي الله عنها - .
وسفيان عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة - رضي الله عنها - . أيهم أحب إليك؟
قال: لا نعدل بأهل بلدنا أحدا.
قال : فأما أنا فأقول: أحمد بن سعيد الدارمي عن أبيه عن هشام بن عروة عائشة - رضي الله عنها - أحب إلي هكذا رأيت أصحابنا يقدمون.
ولكن يفيد مجموع ما نقل عنهم في ذلك ترجيح التراجم التي حكموا لها بالأصحية. على ما لم يقع له حكم من أحد منهم.
[ ص: 250 ]
وللناظر المتقن في ذلك ترجيح بعضها على بعض ولو من حيث رجحان (حفظ) الإمام الذي رجح ذلك الإسناد على غيره.
وقد ذكر المصنف من ذلك خمسة تراجم.
ومما لم يذكره.
1 - قال حجاج بن الشاعر أو غيره: أصح الأسانيد عن شعبة عن قتادة عن شيوخه. سعيد بن المسيب
2 – وقال : يحيى بن معين عبد الرحمن بن القاسم عن [ ص: 251 ] أبيه عن عائشة ، ليس إسناد أثبت من هذا.
3 - وقال سليمان بن داود الشاذكوني : أصح الأسانيد: عن يحيى بن أبي كثير أبي سلمة عن - رضي الله عنه . أبي هريرة
4 - وقال : أصح الأسانيد التي تروى أربعة منها - غير ما تقدم - النسائي عن الزهري عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عن ابن عباس - رضي الله عنه [ ص: 252 ] عمر
5 – وقال أيضا: ابن معين عن عبيد الله بن عمر القاسم عن عائشة - رضي الله عنها - ترجمة مشبكة بالدر، وفي رواية بالذهب.
6 – وقال : أبو حاتم الرازي عن يحيى بن سعيد القطان عبيد الله بن عمر بن نافع عن - رضي الله عنهما - كأنك تسمعها من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . ابن عمر
7 - وكذا رجح أحمد بن حنبل عن عبيد الله بن عمر عن نافع - رضي الله عنهما - على ابن عمر مالك وأيوب [ ص: 253 ]
8 - وقال ابن المبارك ووكيع - كما تقدم - والعجلي : أرجح الأسانيد.
وأحسنها: عن سفيان الثوري منصور عن إبراهيم عن علقمة عن - رضي الله عنه. عبد الله بن مسعود
وروينا في الجامع من طريق للخطيب قال: سمعت أبي العباس أحمد بن محمد البرقاني خلف بن هشام البزار يقول: سألت : أي الأسانيد أثبت؟ أحمد بن حنبل
9 - قال: عن أيوب عن نافع - رضي الله تعالى عنهما - فإن كان من حديث ابن عمر عن حماد بن زيد فيا لك. أيوب
[ ص: 254 ]
قلت: فعلى هذا فقد اختلف اجتهاد في هذه الترجمة. أحمد بن حنبل
وكذا رجحها . النسائي
10 - نعم، وأخرج عن الترمذي محمد بن أبان عن . قال: وكيع أحفظ لإسناد الأعمش إبراهيم من منصور .
11 - وقال : من أصح الأسانيد علي بن المديني عن حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين - رضي الله عنه . أبي هريرة
12 - وقال - فيما ذكره البخاري عنه أيضا أصح الأسانيد [ ص: 255 ] الحاكم عن أبو الزناد عن الأعرج - رضي الله عنه أبي هريرة
13 – وروى في الثقات عن ابن شاهين أحمد بن صالح المصري قال: من أثبت أسانيد أهل المدينة إسماعيل بن أبي حكيم عن عبيدة بن سفيان - يعني عن - رضي الله عنه . أبي هريرة
14 - وقال عن أبيه: ليس عبد الله بن أحمد بن حنبل بالكوفة أصح من هذا الإسناد: عن يحيى بن سعيد القطان عن سفيان الثوري سليمان التيمي عن عن الحارث بن سويد - رضي الله عنه [ ص: 256 ] وروى عن علي نحوه. يحيى بن معين
15 - وفي في الدعوات (عن الترمذي أنه قال: في حديث سليمان بن داود الهاشمي عن الأعرج عبيد الله بن أبي رافع عن - رضي الله عنه - هذا مثل علي عن الزهري عن أبيه)، ذكره عقب حديث الافتتاح قبل باب ما يقول في سجود القرآن. سالم
وقال في معرفة علوم الحديث له: أصح أسانيد الحاكم أبو عبد الله أهل البيت : جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي عن أبيه عن جده عن - رضي الله عنه - إذا كان الراوي عن علي جعفر ثقة.
وأصح أسانيد الصديق - رضي الله عنه -: عن [ ص: 257 ] إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم أبي بكر - رضي الله عنه - .
وأصح أسانيد - رضي الله عنه - الفاروق عن الزهري عن أبيه عن جده - رضي الله عنهم - . سالم
وأصح أسانيد عائشة - رضي الله عنها - عن الزهري عنها. عروة
وأصح أسانيد - رضي الله عنه - أنس بن مالك عن مالك عنه. الزهري
وأصح أسانيد اليمانيين : عن معمر عن همام بن منبه - رضي الله عنه - [ ص: 258 ] أبي هريرة
وأصح أسانيد المكيين - عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار - رضي الله عنه - . جابر
وأثبت أسانيد المصريين - عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أبي الخير عن - رضي الله عنه - . عقبة بن عامر
وأثبت أسانيد الشاميين - عن الأوزاعي عن الصحابة - رضي الله عنهم - [ ص: 259 ] حسان بن عطية
وأثبت أسانيد الخراسانيين - الحسن بن واقد عن عن أبيه - رضي الله تعالى عنه - . عبد الله بن بريدة
قلت: وهذا الذي ذكره قد ينازع في بعضه، ولا سيما في أسانيد الحاكم - رضي الله تعالى عنه - . أنس
فإن قتادة أقعد وأسعد بحديثه من وثابتا البناني ، ولهما من الرواة جماعة، فأثبت أصحاب الزهري ثابت البناني ، وأثبت أصحاب حماد بن زيد قتادة وقيل: غيره. شعبة
وإنما جزمت ؛ لأنه كان لا يأخذ عن أحد ممن وصف بالتدليس إلا ما صرح فيه ذلك المدلس بسماعه من شيخه. بشعبة
وقد تقدم النقل عن في ترجيح أحمد بن سعيد الدارمي عن أبيه [ ص: 260 ] وكذا قوله في أسانيد هشام بن عروة أهل الشام فيه نظر. فإن جماعة من أئمتهم رجحوا رواية سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن عن أبي إدريس الخولاني - رضي الله عنه - . أبي ذر
فهذه بقية أقوال الأئمة في أصح الأسانيد.
وذكر في مسنده أن رواية البزار علي بن الحسين بن علي عن عن سعيد بن المسيب - رضي الله عنه - أصح إسناد يروى عن سعد بن أبي وقاص سعد - رضي الله عنه - .
[ ص: 261 ]
وقال ابن حزم : أصح طريق يروى في الدنيا عن - رضي الله عنه - رواية عمر عن الزهري - رضي الله عنه - . السائب بن يزيد
فإذا أضيفت إلى ما ذكره المصنف أفادت ترجيح ما نص على أصحيته إذا عارضه ما لم ينص فيه على الأصحية وإن كان صحيحا.
فإن عارضه من نص - أيضا على أصحيته نظر إلى المرجحين؛ فأيهما كان أرجح حكم بقوله وإلا فيرجع إلى القرائن التي تحف أحد الحديثين فيقدم بها على غيره - والله أعلم.
تنبيه:
الذي رجح رواية عن أيوب هو ابن سيرين . سليمان بن حرب
تذييل
قال : أجمع أهل النقل على صحة حديث البرديجي عن الزهري [ ص: 262 ] عن أبيه، وعن سالم ، عن سعيد بن المسيب - رضي الله عنه - من أبي هريرة مالك وابن عيينة ومعمر والزبيدي وعقيل ما لم (يختلفوا)، فإذا اختلفوا توقف فيه.
والذي رجح رواية عن ابن عون هو ابن سيرين وعين الراوي عن ابن المديني فقال: هو أيوب . حماد بن زيد
تنبيه:
لم يذكر المصنف أوهى الأسانيد، وقد ذكره وأظنه حذفه لقلة جدواه بالنسبة إلى مقابله، وسأشير إليه في الكلام على الحديث الموضوع إن شاء الله تعالى. الحاكم