87 - قوله: (ص): "مثاله: " . لا نكاح إلا بولي
اعترض عليه: بأن التمثيل بذلك لا يصح، لأن الرواة لم تتفق على [ ص: 606 ] إرسال شعبة وسفيان له عن أبي إسحاق ، بل رواه عن النعمان بن عبد السلام شعبة وسفيان جميعا عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن - رضي الله عنه - موصولا. أبي موسى
أخرجه في المستدرك من طريقه. الحاكم
والجواب: أن حديث النعمان هذا شاذ مخالف للحفاظ الأثبات من أصحاب شعبة وسفيان والمحفوظ عنهما أنهما أرسلاه لكن الاستدلال بأن الحكم للواصل دائما على العموم من صنيع في هذا الحديث الخاص ليس بمستقيم; لأن البخاري لم يحكم فيه بالاتصال من أجل كون الوصل زيادة وإنما حكم له بالاتصال لمعان أخرى رجحت عنده حكم الموصول. البخاري
منها: أن وابنيه يونس بن أبي إسحاق إسرائيل وعيسى رووه عن أبي إسحاق موصولا.
ولا شك أن آل الرجل أخص به من غيرهم.
ووافقهم على ذلك أبو عوانة وشريك النخعي وتمام [ ص: 607 ] العشرة من أصحاب وزهير بن معاوية أبي إسحاق ، مع اختلاف مجالسهم في الأخذ عنه وسماعهم إياه من لفظه.
وأما رواية من أرسله وهما شعبة وسفيان ، فإنما أخذاه عن أبي إسحاق في مجلس واحد.
فقد رواه قال: حدثنا الترمذي . ثنا محمود بن غيلان - حدثنا أبو داود قال: سمعت شعبة يسأل سفيان الثوري أبا إسحاق أسمعت أبا بردة - رضي الله عنه - يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : . "لا نكاح إلا بولي فقال: نعم"
فشعبة وسفيان إنما أخذاه (معا) في مجلس واحد عرضا كما ترى ولا يخفى رجحان ما أخذ من لفظ المحدث في مجالس متعددة على ما أخذ عنه عرضا في محل واحد.
هذا إذا قلنا: حفظ سفيان في مقابل عدد الآخرين مع أن وشعبة - رضي الله عنه - يقول: "العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد". الشافعي
فتبين أن ترجيح لوصل هذا الحديث على إرساله لم يكن لمجرد أن الواصل معه زيادة ليست مع المرسل، بل بما يظهر من قرائن الترجيح. البخاري
ويزيد ذلك ظهورا تقديمه الإرسال في مواضع أخر [ ص: 608 ] .
مثاله: ما رواه عن الثوري محمد بن أبي بكر بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبيه، عن أم سلمة - رضي الله تعالى عنها - قالت: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: . "إن شئت سبعت لك"
ورواه عن مالك عبد الله بن أبي بكر بن الحارث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأم سلمة - رضي الله عنها - : [ ص: 609 ] قال - في تأريخه: "الصواب قول البخاري " مع إرساله. مالك
فصوب الإرسال هنا لقرينة ظهرت له فيه، وصوب المتصل هناك لقرينة ظهرت له فيه.
فتبين أنه ليس له عمل مطرد في ذلك - والله أعلم.