7363 - واحتجوا في ذلك بما حدثنا ، قال : ثنا يزيد بن سنان ، قال : ثنا أبو بكر الحنفي ، قال : حدثني عبد الحميد بن جعفر أبي ، عن رجل من مزينة
قال : فجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم يخطب الناس ، وهو يقول : من استغنى أغناه الله ، ومن استعف ، أعفه الله ، ومن سأل الناس وله عدل خمس أواق ، سأل إلحافا أنه أتى أمه فقالت : يا بني لو ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسألته . .
قال : ولما اختلفوا في ذلك ، وجب الكشف عما اختلفوا فيه ؛ لنستخرج من هذه الأقوال قولا صحيحا . أبو جعفر
فرأينا الصدقة لا تخلو من أحد وجهين : إما أن تكون حراما لا تحل من الأشياء المحرمات عند الضرورات إليها .
أو تكون تحل له أن يملك مقدارا من المال ، فتحرم على مالكه .
فرأينا من ملك دون ما يغديه ، أو دون ما يعشيه ، كانت الصدقة له حلالا ، باتفاق الفرق كلها .
فخرج بذلك حكمها ، من حكم الأشياء المحرمات التي تحل عند الضرورة .
ألا ترى أن من اضطر إلى الميتة ، أن الذي يحل له منها ، هو ما يمسك به نفسه ، لا ما يشجع ، حتى يكون له غداء ، أو حتى يكون له عشاء .
فلما كان الذي يحل من الصدقة ، هو بخلاف ما يحل من الميتة عند الضرورة ، ثبت أنها إنما تحرم على من ملك مقدارا ما .
فأردنا أن ننظر في ذلك المقدار ما هو ؟ فرأينا من ملك دون ما يغدي ، أو دون ما يعشي ، لم يكن بذلك غنيا .
[ ص: 373 ] وكذلك من ملك أربعين درهما ، أو خمسين درهما ، أو ما هو دون المائتي درهم ، فإذا ملك مائتي درهم ، كان بذلك غنيا ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه في الزكاة : خذها من أغنيائهم ، واجعلها في فقرائهم .
فعلمنا بذلك أن مالك المائتين غني ، وأن ما دونها غير غني .
فثبت بذلك أن الصدقة حرام على مالك المائتي درهم فصاعدا ، وأنها حلال لمن يملك ما هو دون ذلك ، وهو قول ، أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، رحمة الله عليهم أجمعين . ومحمد