قوله ( ويصح الاستثناء من الاستثناء . فإذا " لزمه خمسة ) . لأنه من الإثبات نفي ، ومن النفي إثبات . وجزم به في المغني ، والمحرر ، والشرح ، والفروع ، وغيرهم من الأصحاب ; لأنه أثبت سبعة . ثم نفى منها ثلاثة . ثم أثبت واحدا . وبقي من الثلاثة المنفية درهمان مستثنيان من السبعة . فيكون مقرا بخمسة . قوله ( وإن قال " له علي عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة إلا درهمين إلا درهما " لزمه عشرة في أحد الوجوه ) . إن بطل استثناء النصف . والاستثناء من الاستثناء باطل ، بعوده إلى ما قبله لبعده ، كسكوته . قاله في الفروع . وهذا الوجه : اختاره قال " له علي سبعة إلا ثلاثة إلا درهما أبو بكر . وصححه في التصحيح . وفي الآخر : يلزمه ستة . جزم به في الوجيز ، والمنور وبعده الناظم . قال الشارح : لأن الاستثناء إذا رفع الكل ، أو الأكثر : سقط ، إن وقف عليه .
[ ص: 178 ] وإن وصله باستثناء آخر : استعملناه . فاستعملنا الاستثناء الأول لوصله بالثاني ، لأن الاستثناء المستثنى عبارة عما بقي . فإن عشرة إلا درهما عبارة عن تسعة . فإذا قال " له علي عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة " صح استثناء الخمسة . لأنه وصلها باستثناء آخر . ولذلك صح استثناء الثلاثة والدرهمين ; لأنه وصل ذلك باستثناء آخر . والاستثناء من الإثبات نفي ، ومن النفي إثبات . فصح استثناء الخمسة . وهي نفي . فبقي خمسة . وصح استثناء الثلاثة ، وهي إثبات . فعادت ثمانية . وصح استثناء الدرهمين . وهي نفي فبقي ستة . ولا يصح استثناء الدرهم ; لأنه مسكوت عنه . قال : ويحتمل أن يكون وجه الستة : أن يصح استثناء النصف . ويبطل الزائد . فيصح استثناء الخمسة والدرهم . ولا يصح استثناء الثلاثة والاثنين انتهى . وقال في شرحه : وعلى قولنا يصح استثناء النصف . ولا يبطل الاستثناء من الاستثناء ببطلان الاستثناء ، يلزمه ستة ; لأنه إذا صح استثناء الخمسة من العشرة بقي خمسة . واستثناء الثلاثة من الخمسة لا يصح ; لكونها أكثر ، فيبطل ، ويلي قوله " إلا درهمين " قوله " إلا خمسة " فيصح . فيعود من الخمسة الخارجة درهمان . خرج منها درهم بقوله " إلا درهما " بقي درهم ، فيضم إلى الخمسة تكون ستة . انتهى . وهو مخالف لتوجيه ابن منجى الشارح في الوجهين . وفي الوجه الآخر : يلزمه سبعة . وهو مبني على صحة الاستثناءات كلها . والعمل بما تئول إليه .
فإذا قال " عشرة إلا خمسة " نفى خمسة . [ ص: 179 ] فإذا قال " إلا ثلاثة " عادت ثمانية ; لأنها إثبات . فإذا قال " إلا درهمين " كانت نفيا ، فيبقى ستة . فإذا قال " إلا درهما " كان مثبتا . صارت سبعة . قاله الشارح . وهو واضح . وقال : وعلى قولنا : لا يصح استثناء النصف ، ولا يبطل الاستثناء من الاستثناء : يلزمه سبعة . لأن استثناء الخمسة من العشرة لا يصح . واستثناء الدرهمين من الثلاثة لا يصح . واستثناء الدرهم من الدرهمين لا يصح . بقي قوله " إلا ثلاثة " صحيحا . فتصير بمنزلة قوله " إلا عشرة ، إلا ثلاثة " فيلزمه سبعة . انتهى . وهذه طريقة أخرى في ذلك . وهو مخالف ابن منجى للشارح أيضا .
( وفي الوجه الآخر : يلزمه ثمانية ) . قال الشارح ; لأنه يلغي الاستثناء الأول ; لكونه النصف . فإذا قال " إلا ثلاثة " كانت مثبتة . وهي مستثناة من الخمسة . وقد بطلت . فتبطل الثلاثة أيضا . ويبقى الاثنان ; لأنها نفي ، والنفي يكون من إثبات . وقد بطل الإثبات في التي قبلها . فتكون منفية من العشرة ، يبقى ثمانية . ولا يصح استثناء الواحد من الاثنين ; لأنه نصف . انتهى . وقال في شرحه : وعلى قولنا : لا يصح استثناء النصف ، ويبطل الاستثناء من الاستثناء ببطلان الاستثناء : يلزمه ثمانية ; لأن استثناء الخمسة لا يصح . وإذا لم يصح ذلك : ولي المستثنى منه قوله " إلا ثلاثة " . فينبغي أن يعمل عمله ، لكن وليه قوله " إلا درهمين " ولا يصح ; لأنه أكثر . وإذا لم يصح ولي قوله " إلا درهما " قوله " إلا ثلاثة " . فعاد منها الدرهم إلى السبعة الباقية . فيصير المجموع ثمانية . انتهى [ ص: 180 ] فخالف ابن منجى الشارح أيضا في توجيهه . وكلام الشارح أقعد . ويأتي كلامه في النكت لتوجيه هذه الأوجه كلها وما نظر عليه منها . وفي المسألة وجه خامس : يلزمه خمسة إن صح استثناء النصف . جزم به ابن عبدوس في تذكرته . وقدمه في النظم ، والرعايتين . ، والحاوي الصغير . وقال في الفروع : والأشبه إن بطل النصف خاصة : فثمانية . وإن صح فقط : فخمسة . وإن عمل بما يئول إليه جملة الاستثناءات : فسبعة . انتهى .
وهو كما قال . وقال في المحرر : فهل يلزمه إذا صححنا استثناء النصف خمسة ، أو ستة ؟ على وجهين . وإذا لم نصححه : فهل يلزمه عشرة ، أو ثمانية ؟ على وجهين . وقيل : يلزمه سبعة عليهما جميعا . وقال في المغني في مسألة : بطل الاستثناء كله على أحد الوجهين . وصح في الآخر . فيكون مقرا بسبعة . انتهى . وقال في النكت على وجه لزوم الخمسة إذا قلنا بصحة استثناء النصف ; لأن استثناء النصف صحيح ، واستثناء ثلاثة من خمسة باطل فيبطل ما بعده . وعلى وجه لزوم الستة ; لأن استثناء النصف صحيح ، واستثناء ثلاثة من خمسة باطل وجوده كعدمه . واستثناء اثنين من خمسة صحيح . فصار المقر به : سبعة . ثم استثني من الاثنين واحد . يبقى ستة . وعلى الوجه الثالث : الكلام بآخره . ويصح الاستثناءات كلها . فيلزمه سبعة . وهو واضح [ ص: 181 ] قال : وألزمه بعضهم على هذا الوجه بستة ، بناء على أن الدرهم مسكوت عنه ولا يصح استثناؤه . قال : وفيه نظر . وأراد بذلك والله أعلم المصنف الشارح . على ما تقدم من تعليله .
وقال عن وجه الثمانية : لأن استثناء الخمسة باطل ، واستثناء الثلاثة من غيره صحيح ، يبقى سبعة . واستثناء الاثنين باطل ، واستثناء واحد من ثلاثة صحيح ، يزيده على سبعة . وقال بعضهم على هذا الوجه استثناء خمسة وثلاثة باطل . واستثناء اثنين من عشرة صحيح . واستثناء واحد من اثنين باطل . قال : وفيه نظر . وقال عن قوله " وقيل يلزمه سبعة عليهما جميعا " أي سواء قلنا : يصح استثناء النصف ، أو لا . وهذا بناء على الوجه الثالث . وهو تصحيح الاستثناءات كلها . على ما تقدم . قال : وحكاية هذا الوجه بهذه العبارة : فيها شيء . وأحسبه لو قال : وعلى الوجه الثالث يلزمه سبعة : كان أولى . المصنف
تنبيه مبنى ذلك : إذا . فهل يلغى ذلك الاستثناء الباطل وما بعده ، أو يلغى وحده ويرجع . ما بعده إلى ما قبله ؟ وجزم به في المغني . قاله في تصحيح المحرر . أو ينظر إلى ما يئول إليه جملة الاستثناءات ؟ . اختاره تخلل الاستثناءات استثناء باطل . قاله في تصحيح المحرر ، فيه أوجه . [ ص: 182 ] وأطلقهما في المحرر ، القاضي والطوفي في شرح مختصره في الأصول ، وصاحب القواعد الأصولية . قال في الرعايتين ، والحاوي : لو : بطلا . وقيل : يرجع ما بعد الباطل إلى ما قبله . وقيل : يعتبر ما يئول إليه جملة الاستثناءات . زاد في الكبرى : وقيل : إن استثنى الكل أو الأكثر ، واستثنى من الاستثناء دون النصف الأول : صح . وإلا فلا . استثنى ما لا يصح ، ثم استثنى منه شيئا