وأفضن بعد كظومهن بجرة ... من ذي الأباطح إذ رعين حقيلا
و " أفاض الرجل بالقداح " ؛ إذا ضرب بها؛ لأنها تقع منبعثة؛ متفرقة؛ قال أبو ذؤيب :
وكأنهن ربابة وكأنه ... يسر يفيض على القداح ويصدع
وكل ما في اللغة من باب الإفاضة فليس يكون إلا من تفرقة أو كثرة. وقوله - عز وجل -: من عرفات ؛ القراءة والوجه: الكسر؛ والتنوين؛ و " عرفات " : اسم لمكان واحد؛ ولفظه لفظ الجمع؛ والوجه فيه الصرف؛ عند جميع النحويين؛ لأنه بمنزلة " الزيدين " ؛ يستوي نصبه وجره؛ وليس بمنزلة هاء التأنيث؛ وقد يجوز منعه من الصرف إذا كان اسما لواحد؛ إلا أنه لا يكون إلا مكسورا؛ وإن أسقطت التنوين؛ قال امرؤ القيس: [ ص: 273 ] تنورتها من أذرعات وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظر عال
فهذا أكثر الرواية؛ وقد أنشد بالكسر بغير تنوين؛ وأما الفتح فخطأ؛ لأن نصب الجمع وفتحه: كسر. وقوله - عز وجل -: فاذكروا الله عند المشعر الحرام ؛ هو مزدلفة؛ وهي جمع؛ يسمى بهما جميعا المشعر المتعبد. وقوله - عز وجل -: واذكروه كما هداكم ؛ موضع الكاف نصب؛ والمعنى: واذكروه ذكرا مثل هدايته إياكم؛ أي: يكون جزاء لهدايته إياكم؛ واذكروه بتوحيده؛ والثناء عليه؛ والشكر. وقوله - عز وجل -: وإن كنتم من قبله لمن الضالين ؛ معنى " من قبله " : أي: من قبل هدايته؛ ومعنى " كنتم من قبله لمن الضالين " : هذا من التوكيد للأمر؛ كأنه قيل: وما كنتم من قبله إلا ضالين.