عن اللغا ورفث التكلم
[ ص: 270 ] و " الرفث " : كلمة جامعة لما يريده الرجل من أهله؛ وأما " ولا فسوق " ؛ فإذا نهي عن الجماع كله؛ فالفسوق داخل فيه؛ ولكن المعنى - والله أعلم -: " ولا فسوق " : أي: لا يخرج عن شيء من أمر الحج؛ وقالوا - في قوله: ولا جدال في الحج - قولين: قالوا: " ولا جدال في الحج " : لا شك في الحج؛ وقالوا: لا ينبغي للرجل أن يجادل أخاه فيخرجه الجدال إلى ما لا ينبغي؛ تعظيما لأمر الحج؛ وكل صواب؛ ويجوز: " فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج " ؛ وبعضهم يقرأ - وهو -: " فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج " ؛ وكل صواب؛ وقد شرحنا أن " لا " ؛ تنصب النكرات بغير تنوين؛ وبينا حقيقة نصبها؛ وزعم أبو عمرو ؛ سيبويه ؛ أنه يجوز أن ترفع النكرات بتنوين؛ وأن قول والخليل : العجاج
تالله لولا أن يحشن الطبخ ... بي الجحيم حين لا مستصرخ
يجب أن يكون رفع " مستصرخ " ؛ ب " لا " ؛ وأن قوله:
من صد عن نيرانها ... فأنا ابن قيس لا براح
[ ص: 271 ] وحقيقة ما ارتفع بعدها عند بعض أصحابه على الابتداء؛ لأنه إذا لم تنصب فإنما يجرى ما بعدها كما يجرى ما بعد " هل " ؛ أي لا تعمل فيه شيئا؛ فيجوز أن يكون " فلا رفث " ؛ على ما قال ويجوز أن يكون على الابتداء؛ كما وصفنا؛ ويكون " في الحج " ؛ هو خبرا لهذه المرفوعات؛ ويجوز إذا نصبت ما قبل المرفوع بغير تنوين؛ وأتيت بما بعده مرفوعا؛ أن يكون عطفا على الموضع؛ ويجوز أن يكون رفعه على ما وصفنا؛ فأما العطف على الموضع؛ إذا قلت: " لا رجل وغلام في الدار " ؛ فكأنك قلت: " ما رجل ولا غلام في الدار " . وقوله - عز وجل -: سيبويه؛ وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ؛ يروى أن قوما كانوا يخرجون في حجهم يتأكلون الناس؛ يخرجون بغير زاد؛ فأمروا بأن يتزودوا؛ وأعلموا مع ذلك أن خير ما تزود به تقوى الله - عز وجل. وقوله - عز وجل -: واتقون يا أولي الألباب ؛ " الألباب " : واحدها " لب " ؛ وهي العقول؛ " أولي " ؛ نصب لأنه نداء مضاف.