إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور
إن تكفروا به تعالى بعد مشاهدة ما ذكر من فنون نعمائه، ومعرفة شؤونه العظيمة الموجبة للإيمان والشكر . فإن الله غني عنكم أي : فاعلموا أنه تعالى غني عن إيمانكم وشكركم، غير متأثر من انتفائهما . ولا يرضى لعباده الكفر أي : عدم رضاه بكفر عباده لأجل منفعتهم، ودفع مضرتهم رحمة عليهم، لا لتضرره تعالى به . وإن تشكروا يرضه لكم أي : يرض الشكر لأجلكم ومنفعتكم; لأنه سبب لفوزكم بسعادة الدارين، لا لانتفاعه تعالى به . وإنما قيل : لعباده لا لكم لتعميم الحكم، وتعليله بكونهم عباده تعالى . وقرئ بإسكان الهاء . ولا تزر وازرة وزر أخرى بيان لعدم سراية كفر الكافر إلى غيره أصلا، أي : لا تحمل نفس حاملة للوزر حمل نفس أخرى . ثم إلى ربكم مرجعكم بالبعث بعد الموت . فينبئكم عند ذلك بما كنتم تعملون أي : كنتم تعملونه في الدنيا من أعمال الكفر والإيمان، أي : يجازيكم بذلك ثوابا وعقابا . إنه عليم بذات الصدور أي : بمضمرات القلوب، فكيف بالأعمال الظاهرة ؟ ! وهو تعليل للتنبئة .