قوله - عز وجل -:
وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون
الإشارة هي إلى الشرع الذي جاء به محمد - صلى اللـه عليه وسلم - بجملته؛ وقال : الإشارة هي إلى هذه الوصايا التي تقدمت؛ من قوله - تبارك وتعالى -: الطبري قل تعالوا أتل .
وقرأ ؛ ابن كثير ؛ ونافع ؛ وعاصم : "وأن هذا"؛ بفتح الهمزة؛ وتشديد النون؛ "صراطي"؛ ساكن الياء؛ وقرأ وأبو عمرو حمزة : "وإن"؛ بكسر الألف؛ وتشديد النون؛ وقرأ والكسائي عبد الله بن أبي إسحاق؛ ؛ من السبعة: "وأن"؛ بفتح الهمزة؛ وسكون النون؛ "صراطي"؛ مفتوح الياء؛ فأما من فتح الألف فالمعنى عنده كأنه قال: "ولأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه"؛ أي: "اتبعوه؛ لكونه كذا"؛ وتكون الواو - على هذا - إنما عطفت جملة على جملة؛ ويصح غير هذا؛ أن يعطف على "ألا تشركوا"؛ وكأن المحرم من هذا اتباع السبل؛ والتنكيب عن الصراط الأقوم؛ ومن قرأ بتخفيف النون عطف على قوله: وابن عامر "ألا تشركوا"؛ ومذهب أنها المخففة من الثقيلة؛ وأن التقدير: "وأنه هذا صراطي"؛ ومن قرأ بكسر الألف وتشديد النون؛ فكأنه استأنف الكلام؛ وقطعه من الأول؛ وفي مصحف سيبويه : "وهذا صراطي"؛ بحذف "أن". ابن مسعود
وقال : إن الله تعالى جعل طريقا صراطا مستقيما؛ طرفه ابن مسعود محمد - صلى اللـه عليه وسلم - وشرعه؛ ونهايته الجنة؛ وتتشعب منه طرق؛ فمن سلك الجادة نجا؛ ومن خرج إلى تلك الطرق أفضت به إلى النار؛ وقال أيضا: خط لنا رسول الله - صلى اللـه عليه وسلم - يوما خطا؛ [ ص: 495 ] فقال: "هذا سبيل الله"؛ ثم خط عن يمين ذلك الخط؛ وعن شماله؛ خطوطا؛ فقال: "هذه سبل؛ على كل سبيل منها شيطان يدعو إليها"؛ ثم قرأ هذه الآية.
قال القاضي أبو محمد - رحمه الله -: وهذه الآية تعم أهل الأهواء؛ والبدع؛ والشذوذ؛ في الفروع؛ وغير ذلك؛ من أهل التعمق في الجدل؛ والخوض في الكلام؛ هذه كلها عرضة للزلل؛ ومظنة لسوء المعتقد.
وتقدم القول في "ذلكم وصاكم"؛ وفي قوله: "لعلكم"؛ ومن حيث كانت المحرمات الأول لا يقع فيها عاقل قد نظر بعقله؛ جاءت العبارة: لعلكم تعقلون ؛ والمحرمات الأخر شهوات؛ وقد يقع فيها من العقلاء من لم يتذكر؛ جاءت العبارة: لعلكم تذكرون ؛ ثم لما كان ركوب الجادة الكاملة يتضمن فعل الفضائل؛ وتلك درجة التقوى؛ جاءت العبارة: لعلكم تتقون .