وممن حولكم يعني: حول بلدتكم وهي المدينة، منافقون : وهم جهينة، وأسلم، وأشجع، وغفار، كانوا نازلين حولها، ومن أهل المدينة : عطف على خبر المبتدأ الذي هو ممن حولكم، ويجوز أن يكون جملة معطوفة على المبتدأ والخبر إذا قدرت: ومن أهل المدينة قوم مردوا على النفاق، على أن "مردوا" صفة موصوف محذوف كقوله[من الوافر]:
أنا ابن جلا . . . . . . . . . . . . ... ........................................
وعلى الوجه الأول لا يخلو من أن يكون كلاما مبتدأ، أو صفة لـ"منافقون"، فصل بينها وبينه بمعطوف على خبره، مردوا على النفاق : تمهروا فيه، من مرن فلان عمله، ومرد عليه: إذا درب به وضرى، حتى لان عليه ومهر فيه، ودل على مرانتهم عليه ومهارتهم فيه بقوله: لا تعلمهم أي: يخفون عليك مع فطنتك، وشهامتك، وصدق [ ص: 87 ] فراستك، لفرط تنوقهم في تحامي ما يشكك في أمرهم، ثم قال: نحن نعلمهم أي: لا يعلمهم إلا الله، ولا يطلع على سرهم غيره; لأنهم يبطنون الكفر في سويداوات قلوبهم إبطانا، ويبرزون لك ظاهرا كظاهر المخلصين من المؤمنين، لا تشك معه في إيمانهم، وذلك أنهم مردوا على النفاق وضروا به، فلهم فيه اليد الطولى، سنعذبهم مرتين : قيل: هما القتل، وعذاب القبر، وقيل: الفضيحة، وعذاب القبر . وعن -رضي الله عنه- أنهم اختلفوا في هاتين المرتين، فقال: ابن عباس فأخرج ناسا وفضحهم; فهذا العذاب الأول، والثاني: عذاب القبر . وعن قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطيبا يوم الجمعة فقال: "اخرج يا فلان; فإنك منافق، اخرج يا فلان، فإنك منافق" أخذ الزكاة من أموالهم ونهك أبدانهم، الحسن: إلى عذاب عظيم : إلى عذاب النار .