وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون
وفي السماء رزقكم هو المطر; لأنه سبب الأقوات. وعن : هو الثلج وكل عين دائمة منه. وعن سعيد بن جبير أنه كان إذا رأى السحاب قال لأصحابه: فيه والله رزقكم، ولكنكم تحرمونه لخطاياكم الحسن: وما توعدون الجنة: هي على ظهر السماء السابعة تحت العرش، أو أراد: أن ما ترزقونه في الدنيا وما توعدون به في العقبى كله مكتوب في السماء. قرئ: (مثل ما) بالرفع صفة للحق، أي: حق مثل نطقكم، وبالنصب على: إنه لحق حقا مثل نطقكم. ويجوز أن يكون فتحا لإضافته إلى غير متمكن. وما مزيدة بنص وهذا كقول الناس: إن هذا لحق، كما أنك ترى وتسمع، ومثل ما إنك هاهنا. وهذا الضمير إشارة إلى ما ذكر من أمر الآيات والرزق وأمر النبي صلى الله عليه وسلم، أو إلى ما توعدون. وعن الخليل، : أقبلت من جامع الأصمعي البصرة فطلع أعرابي على قعود له فقال: ممن الرجل؟ قلت: من بني أصمع. قال: من أين أقبلت؟ قلت: من موضع يتلى فيه كلام [ ص: 615 ] الرحمن. فقال: اتل علي، فتلوت "والذاريات" فلما بلغت قوله تعالى: وفي السماء رزقكم قال: حسبك، فقام إلى ناقته فنحرها ووزعها على من أقبل وأدبر، وعمد إلى سيفه وقوسه فكسرهما وولى، فلما حججت مع الرشيد طفقت أطوف، فإذا أنا بمن يهتف بي بصوت دقيق، فالتفت فإذا أنا بالأعرابي قد نحل واصفر، فسلم علي واستقرأ السورة، فلما بلغت الآية صاح وقال: قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، ثم قال: وهل غير هذا؟ فقرأت: فورب السماء والأرض إنه لحق، فصاح وقال: يا سبحان الله، من ذا الذي أغضب الجليل حتى حلف، لم يصدقوه بقوله حتى ألجئوه إلى اليمين، قالها ثلاثا وخرجت معها نفسه.