قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد
فإن قلت: لم أخليت هذه الجملة عن الواو وأدخلت على الأولى؟ قلت: لأنها استؤنفت كما تستأنف الجمل الواقعة في حكاية التقاول كما رأيت في حكاية المقاولة بين موسى وفرعون. فإن قلت: فأين التقاول هاهنا؟ قلت: لما قال قرينه: هذا ما لدي عتيد وتبعه قوله: قال قرينه ربنا ما أطغيته وتلاه: لا تختصموا لدي [ق: 28]، علم أن ثم مقاولة من الكافر، لكنها طرحت لما يدل عليها، كأنه قال: رب هو أطغاني، فقال قرينه: ربنا ما أطغيته. وأما الجملة الأولى فواجب عطفها للدلالة على الجمع بين معناها ومعنى ما قبلها في الحصول، أعني مجيء كل نفس مع الملكين، وقول قرينه ما قال له: ما أطغيته ما جعلته طاغيا، وما أوقعته في الطغيان، ولكنه طغى واختار الضلالة على الهدى كقوله تعالى: وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي [إبراهيم: 22].