وقال الذي آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار
قال: أهدكم سبيل الرشاد فأجمل لهم، ثم فسر فافتتح بذم الدنيا وتصغير شأنها; لأن الإخلاد إليها هو أصل الشر كله، ومنه يتشعب جميع ما يؤدي إلى سخط الله ويجلب الشقاوة في العاقبة. وثنى بتعظيم الآخرة والاطلاع على حقيقتها، وأنها هي الوطن والمستقر. وذكر الأعمال سيئها وحسنها وعاقبة كل منهما; ليثبط عما يتلف وينشط لما يزلف، ثم وازن بين الدعوتين: دعوة إلى دين الله الذي ثمرته النجاة، ودعوتهم إلى اتخاذ الأنداد الذي عاقبته النار، وحذر وأنذر، واجتهد في ذلك واحتشد، لا جرم أن الله استثناه من آل فرعون، وجعله حجة عليهم وعبرة للمعتبرين، وهو قوله تعالى: فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب وفى هذا أيضا دليل بين على أن الرجل كان من آل فرعون. والرشاد نقيض الغي. وفيه تعريض شبيه بالتصريح أن ما عليه فرعون وقومه هو سبيل الغي.