يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير
وعد الله الجزاء بالثواب والعقاب فلا تغرنكم فلا تخدعنكم "الدنيا " ولا يذهلنكم التمتع بها والتلذذ بمنافعها عن العمل للآخرة وطلب ما عند الله ولا يغرنكم بالله الغرور لا يقولن لكم اعملوا ما شئتم فإن الله غفور يغفر كل كبيرة ويعفو عن كل خطيئة . والغرور الشيطان لأن ذلك ديدنه . وقرئ بالضم وهو مصدر غره كاللزوم والنهوك أو جمع غار كقاعد وقعود أخبرنا الله عز وجل أن الشيطان لنا عدو مبين ، واقتص علينا قصته وما فعل [ ص: 141 ] بأبينا آدم عليه السلام ، وكيف انتدب لعداوة جنسنا من قبل وجوده وبعده ، ونحن على ذلك نتولاه ونطيعه فيما يريد منا مما فيه هلاكنا ، فوعظنا عز وجل بأنه كما علمتم عدوكم الذي لا عدو أعرق في العداوة منه ، وأنتم تعاملونه معاملة من لا علم له بحاله فاتخذوه عدوا في عقائدكم وأفعالكم ، ولا يوجدن منكم إلا ما يدل على معاداته ومناصبته في سركم وجهركم ، ثم لخص سر أمره وخطأ من اتبعه بأن غرضه الذي يؤمه في دعوة شيعته ومتبعي خطواته : هو أن يوردهم مورد الشقوة والهلاك ، وأن يكونوا من أصحاب السعير . ثم كشف الغطاء وقشر اللحاء ، ليقطع الأطماع الفارغة والأماني الكاذبة ، فبنى الأمر كله على الإيمان والعمل وتركهما .