( احتمال اللفظ له كما تقدم فإن نوى ما لا يحتمله ) لفظه ( مثل أن يحلف لا يأكل خبزا يعني به لا يدخل بيتا لم تنصرف اليمين إلى المنوي ) لأنها نية مجردة لا يحتملها لفظه أشبه ما لو نوى ذلك بغير يمين ( فإن لم ينو شيئا لا ظاهر اللفظ ولا غيره رجع إلى سبب اليمين وماهيتها ) أي آثارها لدلالة ذلك على النية فأنيط الحكم به ( فلو حلف ليقضينه حقه غدا فقضاه ) حقه . ومن شرط انصراف اللفظ إلى ما نواه
( قبله لم يحنث إذا قصد أن لا يجاوزه ) أي الغد ( أو كان السبب يقتضي التعجيل قبل خروج الغد ) لأن مقتضى اليمين تعجيل القضاء ولأن السبب يدل على النية ( فإن عدما ) أي النية وسبب اليمين ( لم يبرأ إلا بقضائه ) حقه ( في الغد ) فإن عجله قبله حنث كما لو أخره عنه لأنه ترك فعل ما تناوله يمينه لفظا ولم يصرفها عنه نية ولا سبب كما لو حلف ليصومن شعبان فصام رجب ( وكذا ) لو حلف ( لآكلن شيئا غدا أو لأبيعنه غدا أو لأشترينه ) غدا ( أو لأضربنه ) غدا ( ونحوه ) كلا كلمته غدا .
( وإن قصد ) بحلفه ليقضينه حقه غدا ( مطله فقضاه قبله حنث ) لأن اليمين انعقدت على ما نواه وقد خالفه ( وإن حلف لا يبيع ثوبه إلا بمائة فباعة بها ) أي المائة ( أو ) باعه ( بأكثر ) من المائة ( لم يحنث ) لأنه لم يخالف ما حلف عليه .
( و ) إن باعه ( بأقل ) من مائة ( يحنث ) لمخالفته ما حلف عليه ( و ) لو حنث ) إن باعه ( بها وبأقل ) منها لأن قرينة الحال تقتضي ذلك . حلف ( لا يبيعه بمائة
( و ) لو حنث ) لدلالة الحال على ذلك و ( لا ) يحنث إن اشتراه ( بأقل ) من مائة لأنه لم يخالف ما حلف عليه ( وإن حلف ) بائع ( لا ينقص هذا الثوب عن كذا فقال ) [ ص: 247 ] مشتريه ( قد أخذته ولكن هب لي كذا فقال ) الإمام ( حلف ( لا أشترينه بمائة فاشتراه بها أو بأكثر : هذا حيلة قيل له ، فإن قال البائع أبيعك بكذا وأهب لفلان شيئا آخر قال ) أحمد ( هذا كله ليس بشيء وكرهه و ) لو حلف ( لا يدخل دارا ونوى اليوم لم يحنث بالدخول في غيره ) لعدم مخالفته لما حلف عليه . أحمد
( ويقبل قوله في الحكم ) لأن ما نواه محتمل ( وإن كانت ) اليمين ( بطلاق أو عتاق لم يقبل ) قوله في الحكم ( لتعلق حق الآدمي ) لم يذكر هذا التفصيل في الإنصاف ولا الفروع ولا المبدع ولا المنتهى بل ظاهر كلامهم لا فرق وتقدم ونظيره في الطلاق في مواضع أنه يقبل قوله لعدم مخالفته للظاهر ( و ) لو ( حنث ) لقوله صلى الله عليه وسلم { حلف ( لا يلبس ثوبا من غزلها يقصد قطع منتها فباعه واشترى بثمنه ثوبا ) ولبسه اليهود ، حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها وأكلوا ثمنها } ( وكذا ) يحنث ( إن انتفع بثمنه ) في غير اللبس لأنه نوع انتفاع به تلحق المنة به ( وإن انتفع ) الحالف ( بشيء من مالها سوى الغزل وثمنه ) مثل أن يسكن دارها أو أكل طعامها أو لبس ثوبا لها من غير غزلها ( لم يحنث ) لأن لكونه ثوبا من غزلها أثرا فيه داعية اليمين فلم يجز حذفه . لعن الله
( وإن امتنت ) امرأة ( عليه بثوب فحلف لا يلبسه قطعا لمنتها فاشتراه غيرها ثم كساه إياه أو اشتراه الحالف ولبسه على وجه لا منة لها فيه ) عليه ( فوجهان ) قلت مقتضى العمل بالنية أو السبب : لا حنث إذن لعدم المنة حيث لا حيلة .
( و ) إن حلف ( لا يأوي معها في دار سماها يريدها ولم يكن للدار سبب يهيج يمينه فأوى معها في غيرها حنث ) لأنه لما لم يكن للدار أثر في يمينه كان ذكرها كعدمه فكأنه حلف لا يأوي معها فإذا أوى معها حنث لمخالفته ما حلف على تركه ( فإن كان للدار أثر في يمينه لكراهته سكناها أو ) لكونه ( خوصم من أجلها ) أي الدار أو لكونه ( امتن عليه بها لم يحنث إذا أوى معها في غيرها ) لأنه لم يخالف ما حلف عليه ( وإن عدم السبب والنية لم يحنث إلا بفعل ما يتناوله لفظه وهو الإيواء معها في تلك الدار بعينها ) دون الإيواء معها في غيرها لأن لفظه لم يتناوله ولا صارف إليه .
( والإيواء الدخول قليلا كان أو كثيرا ) يقال : آويت أنا وآويت فلانا قال تعالى { إذ أوى الفتية إلى الكهف } وقال { وآويناهما إلى ربوة } ونقل [ ص: 248 ] ابن هانئ : أقل الإيواء ساعة وجزم به في الترغيب ( وإن برها ) أي المحلوف عليها لا يأوي معها في دار سماها ( بصدقة أو غيرها أو اجتمع معها فيما ليس بدار ولا بيت لم يحنث سواء كان للدار سبب في يمينه أو لم يكن ) لأنه قصد جفاءها بهذا النوع .
( و ) لو حلف ( لا عدت رأيتك تدخلينها ينوي منعها ) من الدخول ( حنث بدخولها ولو لم يرها ) تدخلها تقديما للنية .
وكذا لو اقتضاه السبب لما تقدم ( وإن فيما ليس ببيت فكالتي قبلها ) فإن قصد جفاءها ولم يكن للدار سبب هيج يمينه حنث وإلا فلا قاله في المغني والشرح ( وإن دخل على جماعة هي فيهم يقصد الدخول عليها معهم أو لم يقصد شيئا حنث ) لأنه دخل عليها . حلف لا يدخل عليها بيتا فدخل عليها
( وإن استثناها بقلبه فكذلك ) أي يحنث لأنه دخل عليها بخلاف مسألة الكلام والسلام المتقدمة في مسائل متفرقة ( وإن كان ) دخله وهو ( لا يعلم أنها فيه ) أي البيت ( فدخل فوجدها فيه فكما لو دخل عليها ناسيا ) يحنث في طلاق وعتاق ، لا في يمين مكفرة ( وكذلك إن ) لم يحنث لأنه تارك ( فإن أقام ) معها ( حنث ) لأن استدامة الدخول دخول . حلف لا يدخل عليها فدخلت عليه فخرج في الحال