( 4960 ) فصل إذا أمكن ذلك . نص عليه : فأما القرابة فيرثون بجميعها ، . وهو قول أحمد ، عمر ، وعلي ، وابن مسعود ، وابن عباس في الصحيح عنه . وبه قال وزيد ، النخعي ، والثوري ، وقتادة ، وابن أبي ليلى ، وأصحابه ، وأبو حنيفة ، ويحيى بن آدم وإسحاق ، ، وداود رضي الله عنهم ، في أحد قوليه . واختاره والشافعي ابن اللبان .
وعن ، أنه ورثه بأقوى القرابتين ، وهي التي لا تسقط بحال . وبه قال زيد الحسن ، والزهري ، والأوزاعي ، ، ومالك ، والليث وحماد ، وهو الصحيح عن . وعن الشافعي ، عمر بن عبد العزيز ، ومكحول والشعبي ، القولان جميعا ، واحتجوا بأنهما قرابتان ، لا يورث بهما في الإسلام ، فلا يورث بهما في غيره ، كما لو أسقطت إحداهما الأخرى . ولنا ، أن الله تعالى فرض للأم الثلث ، وللأخت النصف ، فإذا كانت الأم أختا ، وجب إعطاؤها ما [ ص: 253 ] فرض الله لها في الآيتين ، كالشخصين .
ولأنهما قرابتان ، ترث بكل واحدة منهما منفردة ، لا تحجب إحداهما الأخرى ، ولا ترجح بها ، فترث بهما ، مجتمعين ، كزوج هو ابن عم ، أو ابن عم هو أخ من أم ، وكذوي الأرحام المدلين بقرابتين . وقياسهم فاسد ; لأن القرابتين في الأصل تسقط إحداهما الأخرى إذا كانتا في شخصين ، فكذلك إذا كانتا في شخص . وقولهم : لا يورث بهما في الإسلام . ممنوع ، فإنه إذا وجد ذلك من وطء شبهة في الإسلام ورث بهما ، ثم إن امتناع الإرث بهما في الإسلام لعدم وجودهما ، ولو تصور وجودهما لورث بهما ، بدليل أنه قد ورث بنظيرهما في ابن عم هو زوج ، أو أخ من أم
قال ابن اللبان : واعتبارهم عندي فاسد ، من قبل أن الجدة تكون أختا لأب ، فإن ورثوها بكونها جدة ، لكون الابن يسقط الأخت دونها ، لزمهم توريثها ، بكونها أختا ، لكون الأم تسقط الجدة دونها . وخالفوا نص الكتاب في فرض الأخت ، وورثوا الجدة التي لا نص للكتاب في فرضها ، وهو مختلف فيه ، فمنهم من قال : هو طعمة ، وليس بفرض مستحق . ويلزمهم أن الميت إذا خلف أمه ، وأم أم هي أخت ، أن لا يورثوها شيئا ; لأن الجدودة محجوبة ، وهي أقوى القرابتين . وإن قالوا : نورثها مع الأم بكونها أختا
نقضوا اعتبارهم بكونها أقوى القرابتين ، وجعلوا الأخوة تارة أقوى ، وتارة أضعف . وإن قالوا : أقوى القرابتين الأخوة ; لأن ميراثها أوفر . لزمهم في أم هي أخت جعل الأخوة أقوى من جهة الأمومة ، ويلزمهم في إسقاط ميراثها مع الابن والأخ من الأبوين ما لزم القائلين بتقديم الجدودة مع الأم . فإن قالوا : توريثها بالقرابتين يفضي إلى حجب الأم بنفسها ، إذا كانت أختا ، وللميت أخت أخرى . قلنا : وما المانع من هذا ؟ فإن الله تعالى حجب الأم بالأختين بقوله { : فإن كان له إخوة فلأمه السدس }
من غير تقييد بغيرها . ثم هم قد حجبوها عن ميراث الأخت بنفسها ، فقد دخلوا فيما أنكروه ، بل هو أعظم ; لأنهم فروا من حجب التنقيص إلى حجب الإسقاط ، وأسقطوا الفرض الذي هو أوفر بالكلية محافظة على بعض الفرض الأدنى وخالفوا مدلول أربعة نصوص من كتاب الله تعالى لأنهم أعطوا الأم الثلث ، وإنما فرض الله لها مع الأختين السدس . والثاني ، أن الله تعالى إنما فرض لكل واحدة من الأختين ثلثا ، فأعطوا إحداهما النصف كاملا
والثالث ، أن الله تعالى فرض للأختين الثلثين ، وهاتان أختان ، فلم يجعلوا لهما الثلثين الرابع ، أن مقتضى الآية أن يكون لكل واحدة من الأختين الثلث ، وهذه أخت ، فلم يعطوها بكونها أختا شيئا . وهذا كله معنى كلام ابن اللبان .