( 2012 ) فصل : سواء في ذلك ما قبل الزوال وبعده . هذا ظاهر كلام وأي وقت من النهار نوى أجزأه ، أحمد . وهو ظاهر قول والخرقي فإنه قال : أحدكم بأخير النظرين ، ما لم يأكل أو يشرب . وقال رجل ابن مسعود : إني لم آكل إلى الظهر ، أو إلى العصر ، أفأصوم بقية يومي ؟ قال : نعم . واختار لسعيد بن المسيب ، في " المحرر " أنه لا تجزئه النية بعد الزوال . وهذا مذهب القاضي ، والمشهور من قولي أبي حنيفة ; لأن معظم النهار مضى من غير نية ، بخلاف الناوي قبل الزوال ، فإنه قد أدرك معظم العبادة ، ولهذا تأثير في الأصول ، بدليل أن من أدرك الإمام قبل الرفع من الركوع أدرك الركعة ; لإدراكه معظمها ، ولو أدركه بعد الرفع ، لم يكن مدركا لها ، ولو أدرك مع الإمام من الجمعة ركعة ، كان مدركا لها ; لأنها تزيد بالتشهد ، ولو أدرك أقل من ركعة ، لم يكن مدركا لها . [ ص: 11 ] الشافعي
ولنا أنه نوى في جزء من النهار ، فأشبه ما لو نوى في أوله ، ولأن جميع الليل وقت لنية الفرض ، فكذا جميع النهار وقت لنية النفل . إذا ثبت هذا فإنه يحكم له بالصوم الشرعي المثاب عليه من وقت النية ، في المنصوص عن ، فإنه قال : من نوى في التطوع من النهار ، كتب له بقية يومه ، وإذا أجمع من الليل كان له يومه . وهذا قول بعض أصحاب أحمد . وقال الشافعي ، في " الهداية " : يحكم له بذلك من أول النهار . وهو قول بعض أصحاب أبو الخطاب ; لأن الصوم لا يتبعض في اليوم ، بدليل ما لو أكل في بعضه ، لم يجز له صيام باقيه ، فإذا وجد في بعض اليوم دل على أنه صائم من أوله ، ولا يمتنع الحكم بالصوم من غير نية حقيقة ، كما لو نسي الصوم بعد نيته ، أو غفل عنه ، ولأنه لو أدرك بعض الركعة أو بعض الجماعة كان مدركا لجميعها . الشافعي
ولنا أن ، فلا يكون صائما فيه ; لقوله عليه السلام { ما قبل النية لم ينو صيامه } . ولأن الصوم عبادة محضة ، فلا توجد بغير نية ، كسائر العبادات المحضة . ودعوى أن الصوم لا يتبعض ، دعوى محل النزاع ، وإنما يشترط لصوم البعض أن لا توجد المفطرات في شيء من اليوم ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عاشوراء { : إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى } . وأما إذا فليصم بقية يومه فإنه يكون مستصحبا لحكمها ، بخلاف ما قبلها ، فإنها لم توجد حكما ، ولا حقيقة ، ولهذا لو نوى الفرض من الليل ، ونسيه في النهار صح صومه ، ولو لم ينو من الليل ، لم يصح صومه . نسي النية بعد وجودها ،
وأما إدراك الركعة والجماعة ، فإنما معناه أنه لا يحتاج إلى قضاء ركعة ، وينوي أنه مأموم ، وليس هذا مستحيلا ، أما أن يكون ما صلى الإمام قبله من الركعات محسوبا له ، بحيث يجزئه عن فعله فكلا ، ولأن مدرك الركوع مدرك لجميع أركان الركعة ، لأن القيام وجد حين كبر وفعل سائر الأركان مع الإمام .
وأما الصوم فإن النية شرط أو ركن فيه ، فلا يتصور وجوده بدون شرطه وركنه . إذا ثبت هذا فإن من شرطه أن لا يكون طعم قبل النية ، ولا فعل ما يفطره ، فإن فعل شيئا من ذلك ، لم يجزئه الصيام ، بغير خلاف نعلمه .