( 2004 ) مسألة : قال : ( ولا يجزئه صيام فرض حتى ينويه أي وقت كان من الليل ) وجملته أنه . إجماعا ، فرضا كان أو تطوعا ، لأنه عبادة محضة ، فافتقر إلى النية ، كالصلاة ، ثم إن كان فرضا كصيام رمضان في أدائه أو قضائه ، والنذر والكفارة ، اشترط أن ينويه من الليل عند إمامنا لا يصح صوم إلا بنية ، ومالك ، وقال والشافعي : يجزئ صيام رمضان وكل صوم متعين بنية من النهار ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول أبو حنيفة المدينة { } . متفق عليه . : من كان أصبح صائما فليتم صومه ، ومن كان أصبح مفطرا فليصم بقية يومه ، ومن لم يكن أكل فليصم
وكان صوما واجبا متعينا ، ولأنه غير ثابت في الذمة ، فهو كالتطوع . ولنا ، ما روى ، ابن جريج ، عن وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، عن حفصة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { } . وفي لفظ : من لم يبيت الصيام من الليل ، فلا صيام له : { ابن حزم } أخرجه من لم يجمع الصيام قبل الفجر ، فلا صيام له . ، النسائي وأبو داود ، والترمذي . وروى بإسناده ، عن الدارقطني عمرة عن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { عائشة } ، وقال : إسناده كلهم ثقات . وقال في حديث من لم يبيت الصيام قبل طلوع الفجر ، فلا صيام له حفصة : رفعه عبد الله بن أبي بكر ، عن الزهري ، وهو من الثقات الرفعاء .
ولأنه صوم فرض ، فافتقر إلى النية من الليل ، كالقضاء .
فأما صوم عاشوراء ، فلم يثبت وجوبه ، فإن قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { معاوية } . متفق عليه فلو كان واجبا لم يبح فطره ، فإنما سمي الإمساك صياما تجوزا ، بدليل قوله : " ومن كان أصبح مفطرا ، فليصم بقية يومه . ولم يفرق بين المفطر بالأكل وغيره . وقد روى : هذا يوم عاشوراء ، ولم يكتب الله عليكم صيامه ، وأنا صائم ، فمن شاء فليصم ، ومن شاء فليفطر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رجلا : أن أذن في الناس { البخاري } . أن من كان أكل فليصم بقية يومه
وإمساك بقية اليوم بعد الأكل ليس بصيام شرعي ، وإنما سماه صياما تجوزا . ثم لو ثبت أنه صيام فالفرق بين ذلك وبين رمضان ، أن وجوب الصيام تجدد في أثناء النهار ، فأجزأته النية حين تجدد الوجوب ، كمن كان صائما تطوعا ، فنذر إتمام صوم بقية يومه ، فإنه تجزئه نيته عند نذره ، بخلاف ما إذا كان النذر متقدما ، من وجهين : أحدهما ، أن التطوع يمكن الإتيان به في بعض النهار ، بشرط عدم المفطرات في أوله ، بدليل قوله عليه السلام في حديث عاشوراء : [ ص: 8 ] { والفرق بين التطوع والفرض } فإذا نوى صوم التطوع من النهار كان صائما بقية النهار دون أوله ، والفرض يكون واجبا في جميع النهار ، ولا يكون صائما بغير النية . فليصم بقية يومه
والثاني ، أن التطوع سومح في نيته من الليل تكثيرا له ، فإنه قد يبدو له الصوم في النهار ، فاشتراط النية في الليل يمنع ذلك ، فسامح الشرع فيها ، كمسامحته في ترك القيام في صلاة التطوع ، وترك الاستقبال فيه في السفر تكثيرا له ، بخلاف الفرض . إذا ثبت هذا ففي أي جزء من الليل نوى أجزأه ، وسواء فعل بعد النية ما ينافي الصوم من الأكل والشرب والجماع ، أم لم يفعل . واشترط بعض أصحاب أن لا يأتي بعد النية بمناف للصوم . الشافعي
واشترط بعضهم وجود النية في النصف الأخير من الليل ، كما اختص أذان الصبح والدفع من مزدلفة به . ولنا مفهوم قوله عليه السلام { } . من غير تفصيل ، ولأنه نوى من الليل ، فصح صومه ، كما لو نوى في النصف الأخير ولم يفعل ما ينافي الصوم ، ولأن تخصيص النية بالنصف الأخير يفضي إلى تفويت الصوم ; لأنه وقت النوم ، وكثير من الناس لا ينتبه فيه ، ولا يذكر الصوم ، والشارع إنما رخص في تقديم النية على ابتدائه ، لحرج اعتبارها عنده ، فلا يخصها بمحل لا تندفع المشقة بتخصيصها به ، ولأن تخصيصها بالنصف الأخير تحكم من غير دليل ، ولا يصح اعتبار الصوم بالأذان والدفع من : لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل مزدلفة ; لأنهما يجوزان بعد الفجر ، فلا يفضي منعهما في النصف الأول إلى فواتهما ، بخلاف نية الصوم ، ولأن اختصاصهما بالنصف الأخير بمعنى تجويزهما فيه ، واشتراط النية بمعنى الإيجاب والتحتم ، وفوات الصوم بفواتها فيه ، وهذا فيه مشقة ومضرة ، بخلاف التجويز ، ولأن منعهما في النصف الأول لا يفضي إلى اختصاصهما بالنصف الأخير ، لجوازهما بعد الفجر ، والنية بخلافه ، فأما إن فسخ النية ، مثل إن نوى الفطر بعد نية الصيام ، لم تجزئه تلك النية المفسوخة ، لأنها زالت حكما وحقيقة .