فصل .
وليس منه ، بل هو نظير ما مأكوله في جوفه كالجوز واللوز والفستق وجوز الهند ، فإن فأرته وعاء له تصونه من الآفات ، وتحفظ عليه رطوبته ورائحته ، وبقاؤه فيها أقرب إلى صيانته من الغش والتغير ، والمسك الذي في الفأرة عند الناس خير من المنفوض ، وجرت عادة التجار ببيعه وشرائه فيها ، ويعرفون قدره وجنسه معرفة لا تكاد تختلف ، فليس من الغرر في شيء ، فإن الغرر هو ما تردد بين الحصول والفوات ، وعلى القاعدة الأخرى : هو ما طويت معرفته ، وجهلت عينه ، وأما هذا ونحوه فلا يسمى غررا لا لغة ولا شرعا ولا عرفا ، ومن حرم بيع شيء ، وادعى أنه غرر ، طولب بدخوله في مسمى الغرر لغة وشرعا ، وجواز بيع المسك في الفأرة أحد الوجهين لأصحاب بيع المسك في فأرته ، وهو الراجح دليلا ، والذين منعوه جعلوه مثل بيع النوى في التمر ، والبيض في الدجاج ، واللبن في الضرع ، والسمن في الوعاء ، والفرق بين النوعين ظاهر . الشافعي
[ ص: 729 ] ومنازعوهم يجعلونه مثل بيع قلب الجوز واللوز والفستق في صوانه ؛ لأنه من مصلحته ، ولا ريب أنه أشبه بهذا منه بالأول ، فلا هو مما نهى عنه الشارع ، ولا في معناه ، فلم يشمله نهيه لفظا ولا معنى .