فأما تحريم ، فيدخل فيه تحريم بيع كل مسكر ، مائعا كان ، أو جامدا ، عصيرا ، أو مطبوخا ، فيدخل فيه عصير العنب ، وخمر الزبيب ، والتمر ، والذرة ، والشعير ، والعسل ، والحنطة ، واللقمة الملعونة ، لقمة الفسق والقلب التي تحرك القلب الساكن إلى أخبث الأماكن ، فإن هذا كله خمر بنص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحيح الصريح الذي لا مطعن في سنده ، ولا إجمال في متنه ، إذ صح عنه قوله : ( بيع الخمر ) . كل مسكر خمر
وصح عن أصحابه - رضي الله عنهم - الذين هم أعلم الأمة بخطابه ومراده : أن الخمر ما خامر العقل فدخول هذه الأنواع تحت اسم الخمر كدخول جميع أنواع الذهب والفضة ، والبر والشعير ، والتمر والزبيب ، تحت قوله : ( ) . لا تبيعوا [ ص: 663 ] الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، إلا مثلا بمثل
فكما لا يجوز إخراج صنف من هذه الأصناف عن تناول اسمه له ، فهكذا لا يجوز إخراج صنف من أصناف المسكر عن اسم الخمر ، فإنه يتضمن محذورين .
أحدهما : أن يخرج من كلامه ما قصد دخوله فيه .
والثاني : أن يشرع لذلك النوع الذي أخرج حكم غير حكمه ، فيكون تغييرا لألفاظ الشارع ومعانيه ، فإنه إذا سمى ذلك النوع بغير الاسم الذي سماه به الشارع ، أزال عنه حكم ذلك المسمى وأعطاه حكما آخر .
ولما علم النبي - صلى الله عليه وسلم - من أمته من يبتلى بهذا ، كما قال : ( ) قضى قضية كلية عامة لا يتطرق إليها إجمال ، ولا احتمال ، بل هي شافية كافية ، فقال : ( ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ) ، هذا ولو أن كل مسكر خمر أبا عبيدة ، والخليل وأضرابهما من أئمة اللغة ذكروا هذه الكلمة هكذا لقالوا : قد نص أئمة اللغة على [ ص: 664 ] أن ، وقولهم حجة ، وسيأتي إن شاء الله تعالى عند ذكر هديه في الأطعمة والأشربة مزيد تقرير لهذا ، وأنه لو لم يتناوله لفظه ، لكان القياس الصريح الذي استوى فيه الأصل والفرع من كل وجه حاكما بالتسوية بين أنواع المسكر في تحريم البيع والشرب ، فالتفريق بين نوع ونوع ، تفريق بين متماثلين من جميع الوجوه . كل مسكر خمر