قالت الحنفية والمالكية : الكلام معكم في مقامين ، أحدهما : بيان الدليل الدال على بطلان التخيير ، والثاني : بيان عدم الدلالة في الأحاديث التي استدللتم بها على التخيير ، فأما الأول : فيدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : ( ) ، ولم يخيره . وأما المقام الثاني : فما رويتم من أحاديث التخيير مطلقة لا تقييد فيها ، وأنتم لا تقولون بها على إطلاقها ، بل قيدتم التخيير بالسبع فما فوقها ، وليس في شيء من الأحاديث ما يدل على ذلك ، ونحن نقول : إذا صار للغلام اختيار معتبر خير بين أبويه ، وإنما يعتبر اختياره إذا اعتبر قوله ، وذلك بعد البلوغ ، وليس تقييدكم وقت التخيير بالسبع أولى من تقييدنا بالبلوغ ، بل الترجيح من جانبنا ؛ لأنه حينئذ يعتبر قوله ، ويدل عليه قولها : " وقد سقاني من أنت أحق به بئر أبي عنبة " ، وهي على أميال من المدينة ، وغير البالغ لا يتأتى منه عادة أن يحمل الماء من هذه المسافة ويستقي من البئر ، سلمنا أنه ليس في الحديث ما يدل على البلوغ ، فليس فيه ما ينفيه ، والواقعة واقعة عين ، وليس عن الشارع نص عام في حتى يجب [ ص: 426 ] المصير إليه ، سلمنا أنه فيه ما ينفي البلوغ ، فمن أين فيه ما يقتضي التقييد بسبع كما قلتم ؟ تخيير من هو دون البلوغ