الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) بيان ما يستنجى به فالسنة هو الاستنجاء بالأشياء الطاهرة من الأحجار والأمدار ، والتراب ، والخرق البوالي .

                                                                                                                                ويكره بالروث ، وغيره من الأنجاس ; لأن { النبي صلى الله عليه وسلم لما سأل عبد الله بن مسعود عن أحجار الاستنجاء أتاه بحجرين وروثة ، فأخذ الحجرين ورمى بالروثة ، وعلل بكونها نجسا ، فقال : إنها رجس } أو ركس ، أي : نجس .

                                                                                                                                ويكره بالعظم لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم { نهى عن الاستنجاء بالروث ، والرمة وقال : من استنجى بروث ، أو رمة فهو بريء مما أنزل على محمد } .

                                                                                                                                وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا تستنجوا بالعظم ولا بالروث فإن العظم زاد إخوانكم الجن ، والروث علف دوابهم } فإن فعل ذلك يعتد به عندنا ، فيكون مقيما سنة ، ومرتكبا كراهة ، ويجوز أن يكون لفعل واحد جهتان مختلفتان ، فيكون بجهة كذا ، وبجهة كذا ، وعند الشافعي لا يعتد به ، حتى لا تجوز صلاته إذا لم يستنج بالأحجار بعد ذلك .

                                                                                                                                وجه قوله : إن النص ورد بالأحجار فيراعى عين المنصوص عليه ; ، ولأن الروث نجس في نفسه ، والنجس كيف يزيل النجاسة ؟ ( ولنا ) أن النص معلول بمعنى الطهارة وقد حصلت بهذه الأشياء كما تحصل بالأحجار ، إلا أنه كره بالروث لما فيه من استعمال النجس ، وإفساد علف دواب الجن ، وكره بالعظم لما فيه من إفساد زادهم على ما نطق به الحديث ، فكان النهي عن الاستنجاء به لمعنى في غيره لا في عينه ، فلا يمنع الاعتداد به وقوله : " الروث نجس في نفسه " مسلم ، لكنه يابس لا ينفصل منه شيء إلى البدن فيحصل باستعماله نوع طهارة بتقليل النجاسة .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية