الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( والكلام في الاستنجاء ) في مواضع في بيان صفة الاستنجاء ، وفي بيان ما يستنجى به ، وفي بيان ما يستنجى منه .

                                                                                                                                أما الأول : فالاستنجاء سنة عندنا ، وعند الشافعي فرض ، حتى لو ترك الاستنجاء أصلا جازت صلاته عندنا ، ولكن مع الكراهة ، وعنده لا يجوز ، والكلام فيه راجع إلى أصل نذكره إن شاء الله تعالى ، وهو أن قليل النجاسة الحقيقية في الثوب والبدن عفو في حق جواز الصلاة عندنا ، وعنده ليس بعفو ، ثم ناقض في الاستنجاء فقال : إذا استنجى بالأحجار ، ولم يغسل موضع الاستنجاء جازت صلاته ، وإن تيقنا ببقاء شيء من النجاسة ، إذ الحجر لا يستأصل النجاسة ، وإنما يقللها وهذا تناقض ظاهر ، ثم ابتداء الدليل على أن الاستنجاء ليس بفرض ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { من استجمر فليوتر ، من فعل فقد أحسن ، ومن لا فلا حرج } ، والاستدلال به من وجهين : أحدهما أنه نفى الحرج في تركه ، ولو كان فرضا لكان في تركه حرج ، والثاني : أنه قال : " من فعل فقد أحسن ، ومن لا فلا حرج " ومثل هذا لا يقال في المفروض ، وإنما يقال في المندوب إليه ، والمستحب ، إلا أنه إذا ترك الاستنجاء أصلا ، وصلى يكره ; لأن قليل النجاسة جعل عفوا في حق جواز الصلاة دون الكراهة ، وإذا استنجى زالت الكراهة لأن الاستنجاء بالأحجار أقيم مقام الغسل بالماء شرعا للضرورة إذ الإنسان قد لا يجد سترة ، أو مكانا خاليا للغسل ، وكشف العورة حرام فأقيم الاستنجاء مقام الغسل فتزول به الكراهة كما تزول بالغسل وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أن { النبي صلى الله عليه وسلم كان يستنجي بالأحجار } ، ولا يظن به أداء الصلاة مع الكراهة .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية