فصل .
المفسد الخامس : . فإنه يميت القلب ، ويثقل البدن ، ويضيع الوقت ، ويورث كثرة الغفلة والكسل ، ومنه المكروه جدا ، ومنه الضار غير النافع للبدن ، وأنفع النوم ما كان عند شدة الحاجة [ ص: 457 ] إليه ، ونوم أول الليل أحمد وأنفع من آخره ، ونوم وسط النهار أنفع من طرفيه ، وكلما قرب النوم من الطرفين قل نفعه ، وكثر ضرره ، ولاسيما نوم العصر ، والنوم أول النهار إلا لسهران . كثرة النوم
، فإنه وقت غنيمة ، وللسير ذلك الوقت عند السالكين مزية عظيمة ، حتى لو ساروا طول ليلهم لم يسمحوا بالقعود عن السير ذلك الوقت حتى تطلع الشمس ، فإنه أول النهار ومفتاحه ، ووقت نزول الأرزاق ، وحصول القسم ، وحلول البركة ، ومنه ينشأ النهار ، وينسحب حكم جميعه على حكم تلك الحصة ، فينبغي أن يكون نومها كنوم المضطر . ومن المكروه عندهم النوم بين صلاة الصبح وطلوع الشمس
وبالجملة فأعدل النوم وأنفعه نوم نصف الليل الأول ، وسدسه الأخير ، وهو مقدار ثمان ساعات ، وهذا أعدل النوم عند الأطباء ، وما زاد عليه أو نقص منه أثر عندهم في الطبيعة انحرافا بحسبه .
ومن ، عقيب غروب الشمس ، حتى تذهب فحمة العشاء ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهه . فهو مكروه شرعا وطبعا . النوم الذي لا ينفع أيضا النوم أول الليل
وكما أن ، فمدافعته وهجره مورث لآفات أخرى عظام : من سوء المزاج ويبسه ، وانحراف النفس ، وجفاف الرطوبات المعينة على الفهم والعمل ، ويورث أمراضا متلفة لا ينتفع صاحبها بقلبه ولا بدنه معها ، وما قام الوجود إلا بالعدل ، فمن اعتصم به فقد أخذ بحظه من مجامع الخير ، وبالله المستعان . كثرة النوم مورثة لهذه الآفات