فصل
nindex.php?page=treesubj&link=28972والصراط المستقيم : هو صراط الله ، وهو يخبر أن الصراط عليه سبحانه كما ذكرنا ، ويخبر أنه سبحانه على الصراط المستقيم ، وهذا في موضعين من القرآن : في هود ، والنحل ، قال في هود
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=56ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم وقال في النحل
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=76وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم [ ص: 43 ] فهذا مثل ضربه الله للأصنام التي لا تسمع ، ولا تنطق ولا تعقل ، وهي كل على عابدها ، يحتاج الصنم إلى أن يحمله عابده ، ويضعه ويقيمه ويخدمه ، فكيف يسوونه في العادة بالله الذي يأمر بالعدل والتوحيد ؟ وهو قادر متكلم ، غني ، وهو على صراط مستقيم في قوله وفعله ، فقوله صدق ورشد ونصح وهدى ، وفعله حكمة وعدل ورحمة ومصلحة ، هذا أصح الأقوال في الآية ، وهو الذي لم يذكر كثير من المفسرين غيره ، ومن ذكر غيره قدمه على الأقوال ، ثم حكاها بعده كما فعل
البغوي ، فإنه جزم به ، وجعله تفسير الآية ، ثم قال : وقال
الكلبي : يدلكم على صراط مستقيم .
قلت : ودلالته لنا على الصراط هي من موجب كونه سبحانه على الصراط المستقيم ، فإن دلالته بفعله وقوله ، وهو على الصراط المستقيم في أفعاله وأقواله ، فلا يناقض قول من قال : إنه سبحانه على الصراط المستقيم .
قال : وقيل : هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالعدل ، وهو على صراط مستقيم .
قلت : وهذا حق لا يناقض القول الأول ،
nindex.php?page=treesubj&link=28751_30988فالله على الصراط المستقيم ، ورسوله عليه ، فإنه لا يأمر ولا يفعل إلا مقتضاه وموجبه ، وعلى هذا يكون المثل مضروبا لإمام الكفار وهاديهم ، وهو الصنم الذي هو أبكم ، لا يقدر على هدى ولا خير ، ولإمام الأبرار ، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يأمر بالعدل ، وهو على صراط مستقيم .
وعلى القول الأول : يكون مضروبا لمعبود الكفار ومعبود الأبرار ، والقولان متلازمان ، فبعضهم ذكر هذا ، وبعضهم ذكر هذا ، وكلاهما مراد من الآية ، قال ، وقيل : كلاهما للمؤمن والكافر ، يرويه
عطية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وقال
عطاء : الأبكم
[ ص: 44 ] أبي بن خلف ، ومن يأمر بالعدل :
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان بن عفان ،
nindex.php?page=showalam&ids=5559وعثمان بن مظعون .
قلت : والآية تحتمله ، ولا يناقض القولين قبله ، فإن الله على صراط مستقيم ، ورسوله وأتباع رسوله ، وضد ذلك : معبود الكفار وهاديهم ، والكافر التابع والمتبوع والمعبود ، فيكون بعض السلف ذكر أعلى الأنواع ، وبعضهم ذكر الهادي ، وبعضهم ذكر المستجيب القابل ، وتكون الآية متناولة لذلك كله ، ولذلك نظائر كثيرة في القرآن .
وأما آية هود : فصريحة لا تحتمل إلا معنى واحدا ، وهو أن الله سبحانه على صراط مستقيم ، وهو سبحانه أحق من كان على صراط مستقيم ، فإن أقواله كلها صدق ورشد وهدى وعدل وحكمة
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=115وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا وأفعاله كلها مصالح وحكم ، ورحمة وعدل وخير ، فالشر لا يدخل في أفعال من هو على الصراط المستقيم ، أو أقواله ، وإنما يدخل في أفعال من خرج عنه وفي أقواله .
وفي دعائه عليه الصلاة والسلام
nindex.php?page=hadith&LINKID=980104لبيك وسعديك ، والخير كله بيديك ، والشر ليس إليك ولا يلتفت إلى تفسير من فسره بقوله : والشر لا يتقرب به إليك ، أو لا يصعد إليك ، فإن المعنى أجل من ذلك ، وأكبر وأعظم قدرا ، فإن من أسماؤه كلها حسنى ، وأوصافه كلها كمال ، وأفعاله كلها كمال ، وأقواله كلها صدق وعدل يستحيل دخول الشر في أسمائه أو أوصافه ، أو أفعاله أو أقواله ، فطابق بين هذا المعنى وبين قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=56إن ربي على صراط مستقيم وتأمل كيف ذكر هذا عقيب قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=56إني توكلت على الله ربي وربكم أي هو ربي ، فلا يسلمني ولا يضيعني ، وهو ربكم فلا يسلطكم علي ولا يمكنكم مني ، فإن نواصيكم بيده ، لا تفعلون شيئا بدون مشيئته ، فإن ناصية كل دابة بيده ، لا يمكنها أن تتحرك إلا بإذنه ، فهو المتصرف فيها ، ومع هذا فهو في تصرفه فيها وتحريكه لها ، ونفوذ قضائه وقدره فيها على صراط مستقيم ، لا يفعل ما يفعل من ذلك إلا بحكمة
[ ص: 45 ] وعدل ومصلحة ، ولو سلطكم علي فله من الحكمة في ذلك ما له الحمد عليه ، لأنه تسليط من هو على صراط مستقيم ، لا يظلم ولا يفعل شيئا عبثا بغير حكمة .
فهكذا تكون المعرفة بالله ، لا معرفة القدرية المجوسية ، والقدرية الجبرية ، نفاة الحكم والمصالح والتعليل ، والله الموفق سبحانه .
فَصْلٌ
nindex.php?page=treesubj&link=28972وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ : هُوَ صِرَاطُ اللَّهِ ، وَهُوَ يُخْبِرُ أَنَّ الصِّرَاطَ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ كَمَا ذَكَرْنَا ، وَيُخْبِرُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ ، وَهَذَا فِي مَوْضِعَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ : فِي هُودٍ ، وَالنَّحْلِ ، قَالَ فِي هُودٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=56مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وَقَالَ فِي النَّحْلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=76وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [ ص: 43 ] فَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْأَصْنَامِ الَّتِي لَا تَسْمَعُ ، وَلَا تَنْطِقُ وَلَا تَعْقِلُ ، وَهِيَ كَلٌّ عَلَى عَابِدِهَا ، يَحْتَاجُ الصَّنَمُ إِلَى أَنْ يَحْمِلَهُ عَابِدُهُ ، وَيَضَعَهُ وَيُقِيمَهُ وَيَخْدِمَهُ ، فَكَيْفَ يُسَوُّونَهُ فِي الْعَادَةِ بِاللَّهِ الَّذِي يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالتَّوْحِيدِ ؟ وَهُوَ قَادِرٌ مُتَكَلِّمٌ ، غَنِيٌّ ، وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ فِي قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ ، فَقَوْلُهُ صِدْقٌ وَرُشْدٌ وَنُصْحٌ وَهُدًى ، وَفِعْلُهُ حِكْمَةٌ وَعَدْلٌ وَرَحْمَةٌ وَمَصْلَحَةٌ ، هَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ فِي الْآيَةِ ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ غَيْرَهُ ، وَمَنْ ذَكَرَ غَيْرَهُ قَدَّمَهُ عَلَى الْأَقْوَالِ ، ثُمَّ حَكَاهَا بَعْدَهُ كَمَا فَعَلَ
الْبَغْوِيُّ ، فَإِنَّهُ جَزَمَ بِهِ ، وَجَعَلَهُ تَفْسِيرَ الْآيَةِ ، ثُمَّ قَالَ : وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : يَدُلُّكُمْ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .
قُلْتُ : وَدِلَالَتُهُ لَنَا عَلَى الصِّرَاطِ هِيَ مِنْ مُوجَبِ كَوْنِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ ، فَإِنَّ دِلَالَتَهُ بِفِعْلِهِ وَقَوْلِهِ ، وَهُوَ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ ، فَلَا يُنَاقِضُ قَوْلَ مَنْ قَالَ : إِنَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ .
قَالَ : وَقِيلَ : هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ، وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .
قُلْتُ : وَهَذَا حَقٌّ لَا يُنَاقِضُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28751_30988فَالَلَّهُ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ ، وَرَسُولُهُ عَلَيْهِ ، فَإِنَّهُ لَا يَأْمُرُ وَلَا يَفْعَلُ إِلَّا مُقْتَضَاهُ وَمُوجَبَهُ ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمَثَلُ مَضْرُوبًا لِإِمَامِ الْكُفَّارِ وَهَادِيهِمْ ، وَهُوَ الصَّنَمُ الَّذِي هُوَ أَبْكَمُ ، لَا يَقْدِرُ عَلَى هُدًى وَلَا خَيْرٍ ، وَلِإِمَامِ الْأَبْرَارِ ، وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ، وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .
وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ : يَكُونُ مَضْرُوبًا لِمَعْبُودِ الْكُفَّارِ وَمَعْبُودِ الْأَبْرَارِ ، وَالْقَوْلَانِ مُتَلَازِمَانِ ، فَبَعْضُهُمْ ذَكَرَ هَذَا ، وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَ هَذَا ، وَكِلَاهُمَا مُرَادٌ مِنَ الْآيَةِ ، قَالَ ، وَقِيلَ : كِلَاهُمَا لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ ، يَرْوِيهِ
عَطِيَّةُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَقَالَ
عَطَاءٌ : الْأَبْكَمُ
[ ص: 44 ] أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ ، وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ :
حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=5559وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ .
قُلْتُ : وَالْآيَةُ تَحْتَمِلُهُ ، وَلَا يُنَاقِضُ الْقَوْلَيْنِ قَبْلَهُ ، فَإِنَّ اللَّهَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ، وَرَسُولَهُ وَأَتِّبَاعَ رَسُولِهِ ، وَضِدُّ ذَلِكَ : مَعْبُودُ الْكُفَّارِ وَهَادِيهِمْ ، وَالْكَافِرُ التَّابِعُ وَالْمَتْبُوعُ وَالْمَعْبُودُ ، فَيَكُونُ بَعْضُ السَّلَفِ ذَكَرَ أَعْلَى الْأَنْوَاعِ ، وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَ الْهَادِيَ ، وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَ الْمُسْتَجِيبَ الْقَابِلَ ، وَتَكُونُ الْآيَةُ مُتَنَاوِلَةً لِذَلِكَ كُلِّهِ ، وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي الْقُرْآنِ .
وَأَمَّا آيَةُ هُودٍ : فَصَرِيحَةٌ لَا تَحْتَمِلُ إِلَّا مَعْنًى وَاحِدًا ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ، وَهُوَ سُبْحَانُهُ أَحَقُّ مَنْ كَانَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ، فَإِنَّ أَقْوَالَهُ كُلَّهَا صِدْقٌ وَرُشْدٌ وَهُدًى وَعَدْلٌ وَحِكْمَةٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=115وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا وَأَفْعَالُهُ كُلُّهَا مَصَالِحُ وَحِكَمٌ ، وَرَحْمَةٌ وَعَدْلٌ وَخَيْرٌ ، فَالشَّرُّ لَا يَدْخُلُ فِي أَفْعَالِ مَنْ هُوَ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ ، أَوْ أَقْوَالِهِ ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي أَفْعَالِ مَنْ خَرَجَ عَنْهُ وَفِي أَقْوَالِهِ .
وَفِي دُعَائِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=980104لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدَيْكَ ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى تَفْسِيرِ مَنْ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ : وَالشَّرُّ لَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْكَ ، أَوْ لَا يَصْعَدُ إِلَيْكَ ، فَإِنَّ الْمَعْنَى أَجَلُّ مِنْ ذَلِكَ ، وَأَكْبَرُ وَأَعْظَمُ قَدْرًا ، فَإِنَّ مَنْ أَسْمَاؤُهُ كُلُّهَا حُسْنَى ، وَأَوْصَافُهُ كُلُّهَا كَمَالٌ ، وَأَفْعَالُهُ كُلُّهَا كَمَالٌ ، وَأَقْوَالُهُ كُلُّهَا صِدْقٌ وَعَدْلٌ يَسْتَحِيلُ دُخُولُ الشَّرِّ فِي أَسْمَائِهِ أَوْ أَوْصَافِهِ ، أَوْ أَفْعَالِهِ أَوْ أَقْوَالِهِ ، فَطَابِقْ بَيْنَ هَذَا الْمَعْنَى وَبَيْنَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=56إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وَتَأَمَّلْ كَيْفَ ذَكَرَ هَذَا عَقِيبَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=56إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ أَيْ هُوَ رَبِّي ، فَلَا يُسَّلِمُنِي وَلَا يُضَيِّعُنِي ، وَهُوَ رَبُّكُمْ فَلَا يُسَلِّطُكُمْ عَلَيَّ وَلَا يُمَكِّنُكُمْ مِنِّي ، فَإِنَّ نَوَاصِيَكُمْ بِيَدِهِ ، لَا تَفْعَلُونَ شَيْئًا بِدُونِ مَشِيئَتِهِ ، فَإِنَّ نَاصِيَةَ كُلِّ دَابَّةٍ بِيَدِهِ ، لَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَتَحَرَّكَ إِلَّا بِإِذْنِهِ ، فَهُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا ، وَمَعَ هَذَا فَهُوَ فِي تَصَرُّفِهِ فِيهَا وَتَحْرِيكِهِ لَهَا ، وَنُفُوذِ قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ فِيهَا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ، لَا يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا بِحِكْمَةٍ
[ ص: 45 ] وَعَدْلٍ وَمَصْلَحَةٍ ، وَلَوْ سَلَّطَكُمْ عَلَيَّ فَلَهُ مِنَ الْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ مَا لَهُ الْحَمْدُ عَلَيْهِ ، لِأَنَّهُ تَسْلِيطُ مَنْ هُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ، لَا يَظْلِمُ وَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا عَبَثًا بِغَيْرِ حِكْمَةٍ .
فَهَكَذَا تَكُونُ الْمَعْرِفَةُ بِاللَّهِ ، لَا مَعْرِفَةَ الْقَدَرِيَّةِ الْمَجُوسِيَّةِ ، وَالْقَدَرِيَّةِ الْجَبْرِيَّةِ ، نُفَاةِ الْحُكْمِ وَالْمَصَالِحِ وَالتَّعْلِيلِ ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ سُبْحَانَهُ .