قال حدثني من أثق به من أهل العلم: أن ابن هشام: صاح وهم محاصرو بني قريظة : بكتيبة الإيمان، وتقدم هو علي بن أبي طالب قال: والله لأذوقن ما ذاق والزبير بن العوام، حمزة، أو أفتحن حصنهم، فقالوا: يا محمد ننزل على حكم سعد.
قال ثم استنزلوا، فحبسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار ابن إسحاق: بنت الحارث، امرأة من بني النجار، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سوق المدينة ، التي هي سوقها اليوم، فخندق بها خنادق، ثم بعث إليهم، فضرب أعناقهم في تلك الخنادق، فخرج بهم إليها أرسالا، وفيهم عدو الله حيي بن أخطب ، وكعب بن أسد رأس القوم، وهم ستمائة أو سبعمائة، والمكثر يقول: كانوا ما بين الثمانمائة والتسعمائة، وقد قالوا لكعب بن أسد وهو يذهب بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالا: يا كعب! ما تراه يصنع بنا؟ قال: أفي كل موطن لا تعقلون! أما ترون الداعي لا ينزع، وأنه من ذهب منكم لا يرجع، هو والله القتل، فلم يزل ذلك الدأب حتى فرغ منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأتي بحيي بن أخطب عدو الله ، مجموعة يداه إلى عنقه بحبل، فلما نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أما والله ما لمت نفسي في عداوتك، ولكنه من يخذل الله يخذل، ثم أقبل على الناس، فقال: أيها الناس، إنه لا بأس بأمر الله، كتاب وقدر وملحمة كتبت على بني إسرائيل ، ثم جلس فضربت عنقه. [ ص: 110 ]
وقد حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عن عروة بن الزبير، ، قالت: عائشة قالت: والله إنها لعندي تحدث معي وتضحك ظهرا وبطنا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل رجالها في السوق، إذ هتف هاتف باسمها، أين فلانة؟ قالت: أنا، والله قالت: قلت لها: ويلك، ما لك؟ قالت: أقتل، قلت: ولم؟ قالت: لحدث أحدثته، قالت: فانطلق بها، فضربت عنقها، فكانت لم يقتل من نسائهم إلا امرأة واحدة، تقول: فوالله ما أنسى عجبا منها، طيب نفسها، وكثرة ضحكها، وقد عرفت أنها تقتل. عائشة
قال هي التي طرحت الرحى على ابن هشام: خلاد بن سويد فقتلته.
وقال أمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن سعد: فكتفوا، وجعلوا ناحية، وأخرج النساء والذرية، فكانوا ناحية، واستعمل عليهم محمد بن مسلمة، وجمع أمتعتهم وما وجد في حصونهم، من الحلقة والأثاث والثياب، فوجد فيها ألفا وخمسمائة سيف، وثلاثمائة درع، وألفي رمح، وخمسمائة ترس وجحفة، وخمرا وجرار سكر، فأهريق ذلك كله، ولم يخمس، ووجدوا جمالا نواضح، وماشية كثيرة. عبد الله بن سلام،
قال وقد كان ابن إسحاق: كما ذكر ثابت بن قيس بن الشماس أتى ابن شهاب الزهري، الزبير بن باطا القرظي، وكان يكنى: أبا عبد الرحمن - وكان الزبير قد من على في الجاهلية، ذكر لي بعض ولد ثابت بن قيس الزبير أنه كان من عليه يوم بعاث، أخذه فجز ناصيته ثم خلى سبيله - فجاءه ثابت وهو شيخ كبير، فقال: يا أبا عبد الرحمن، هل تعرفني؟ قال: وهل يجهل مثلي مثلك، قال: إني قد أردت أن أجزيك بيدك عندي، قال: إن الكريم يجزي الكريم، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنه كان ثابت للزبير علي منة، وقد أحببت أن أجزيه بها، فهب لي دمه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هو لك" فأتاه، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وهب لي دمك، فهو لك، قال: شيخ كبير لا أهل له ولا ولد، فما [ ص: 111 ] يصنع بالحياة؟ قال: فأتى ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي، امرأته وولده؟ قال: هم لك ، قال: فأتاه فقال: قد وهب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أهلك وولدك، فهم لك، قال: أهل بيت بالحجاز لا مال لهم، فما بقاؤهم على ذلك؟ فأتى ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ماله؟ قال: هو لك، فأتاه ثابت، فقال: قد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك، فهو لك، قال: أي ثابت، ما فعل الذي كأن وجهه مرآة صينية، تتراءى فيه عذارى الحي; كعب بن أسد؟ قال: قتل، قال: فما فعل مقدمتنا إذا شددنا، وحاميتنا إذا فررنا، عزال بن سموأل؟ قال: قتل، قال: فما فعل سيد الحاضر والبادي; حيي بن أخطب؟ قال: قتل، قال: فما فعل المجلسان؟ يعني بني كعب بن قريظة ، وبني عمرو بن قريظة ؟ قال: ذهبوا قتلوا، قال: فإني أسألك يا ثابت بيدي عندك إلا ألحقتني بالقوم، فوالله ما في العيش بعد هؤلاء من خير، فما أنا بصابر لله قبلة دلو ناضح; حتى ألقى الأحبة، فقدمه ثابت، فضرب عنقه، فلما بلغ قوله: ألقى الأحبة، قال: يلقاهم والله في نار جهنم خالدا مخلدا. أبا بكر الصديق