قال وقد قيل إن الذنب الذي أتاه أبو عمر: أبو لبابة كان إشارته إلى حلفائه بني قريظة أنه الذبح إن نزلتم على حكم وإشارته إلى حلقه، سعد بن معاذ يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول ) . فنزلت فيه: (
قال ثم إن ابن إسحاق: ثعلبة بن سعية ، وأسيد بن سعية ، وأسيد بن عبيد، وهم نفر من هدل، ليسوا من بني قريظة ولا النضير، نسبهم فوق ذلك، وهم بنو عم القوم، أسلموا تلك الليلة التي نزلت فيها قريظة على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وخرج في تلك الليلة عمرو بن سعدى القرظي، فمر بحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه تلك الليلة، فلما رآه قال: من هذا؟ قال: أنا محمد بن مسلمة عمرو بن سعدى، وكان عمرو قد أبى أن يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: لا أغدر بمحمد [ ص: 108 ] أبدا، فقال حين عرفه: اللهم لا تحرمني عثرات الكرام، ثم خلى سبيله، فخرج على وجهه، حتى بات في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة بالمدينة تلك الليلة، ثم ذهب فلم يدر أين وجه من الأرض إلى يومه هذا، فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم شأنه، فقال: ذلك رجل نجاه الله بوفائه. وبعض الناس يزعم أنه كان أوثق برمة فيمن أوثق من بني قريظة حين نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصبحت رمته ملقاة، ولا يدرى أين ذهب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه تلك المقالة، فالله أعلم أي ذلك كان.
فلما أصبحوا نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتواثبت الأوس، فقالوا: يا رسول الله: إنهم موالينا دون الخزرج، وقد فعلت في موالي إخواننا بالأمس ما قد علمت. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بني قريظة قد حاصر بني قينقاع، وكانوا حلفاء الخزرج، فنزلوا على حكمه، فسأله إياهم عبد الله بن أبي ابن سلول، فوهبهم له، فلما كلمته الأوس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا ترضون يا معشر الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم" ؟ قالوا: بلى، قال: فذلك إلى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جعل سعد بن معاذ، في خيمة لامرأة من أسلم، يقال لها: سعد بن معاذ في مسجده وكانت تداوي الجرحى، وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال لقومه حين أصابه السهم بالخندق، اجعلوه في خيمة رفيدة، حتى أعوده من قريب، فلما حكمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني قريظة أتاه قومه، فحملوه على حمار، وقد وطؤوا له بوسادة من أدم، وكان رجلا جسيما، ثم أقبلوا معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يقولون: يا رفيدة، أبا عمرو، أحسن في مواليك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ولاك ذلك، لتحسن فيهم، فلما أكثروا قال: لقد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم، فرجع بعض من كان معه من قومه إلى دار بني عبد الأشهل، فنعى إليهم رجال بني قريظة قبل أن يصل إليهم سعد، عن كلمته التي سمع منه، فلما انتهى سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قوموا إلى سيدكم" .
فأما المهاجرون من قريش فيقولون: إنما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار، وأما الأنصار فيقولون: عم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين فقاموا إليه، فقالوا: يا أبا عمرو، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد [ ص: 109 ] ولاك أمر مواليك، لتحكم فيهم، فقال سعد: عليكم بذلك عهد الله وميثاقه أن الحكم فيهم كما حكمت؟ قالوا: نعم، قال: وعلى من هنا؟ في الناحية التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معرض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم" قال سعد: فإني أحكم فيهم أن تقتل الرجال، وتقسم الأموال، وتسبى الذراري والنساء.
قال قال ابن سعد: حميد: وقال بعضهم: وتكون الديار للمهاجرين دون الأنصار، قال: فقالت الأنصار: إخواننا كنا معهم، فقال: إني أحببت أن يستغنوا عنكم.
قال فحدثني ابن إسحاق: ، عن عاصم بن عمر بن قتادة عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ ، عن قال: علقمة بن وقاص الليثي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد: "لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة" .