السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر (29) ولم يتقدم لي شخص مناسب، فلو كان متزوجاً ويريد الزوجة الثانية، فأنا محتارة هل أرفض أم أوافق؟!
الرجاء إفادتي.
أنا فتاة أبلغ من العمر (29) ولم يتقدم لي شخص مناسب، فلو كان متزوجاً ويريد الزوجة الثانية، فأنا محتارة هل أرفض أم أوافق؟!
الرجاء إفادتي.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يمنَّ عليك بزوج صالح يكون عوناً لك على طاعته ورضاه، وأن يمنَّ عليك بذرية صالحة طيبة مباركة تكون امتداداً لحياتك الطويلة - بإذن الله تعالى - .
وبخصوص ما ورد برسالتك فكونك قد وصل بك العمر إلى هذا الحد فأنا أتصور أن الأمر الآن مع الوضع القائم في العالم - خاصة مثلاً في بلدك– أمر طبيعي.
لأن الفتاة الآن تتزوج في هذا السن وبعده بل إنها تتزوج أحياناً في الخامسة والثلاثين من عمرها، وهذا أمر الآن كأنه أصبح شيئاً واقعيا يعيشه الناس.
وبالنسبة لزواجك من شخص متزوج، هذه تتوقف أولاً على دين الرجل وعلى خلقه وعلى فهمه للتعدد؛ لأنه ليست القضية - بارك الله فيك – أنك تحلين مشكلة بمشكلة، فأنت الآن توجد عندك مشكلة واحدة وهي أنك لم تتزوجي، ولكن عندما تتزوجين برجل متزوج ربما تكون المشاكل متعددة، فقد يكون هذا الرجل لا يعدل، وقد تكون ظروفه لا تسمح لأن يؤويك وأن ينفق عليك النفقة المعتبرة شرعاً، وقد يكون هذا الرجل لا يصلح أن يكون معدداً، ولكنه أخذها من باب الشهوة، ومن باب حب التقليد، فالمسائل تحتاج إلى دراسة متأنية.
إذا جاءك رجل صاحب دين وخلق ولديه القدرة المالية على الإنفاق عليك وعلى أزواجه وأولاده؛ باعتبار أنك ستكونين زوجة ثانية، وأمِنت منه أنه يستطيع فعلاً أن يقيم شرع الله تعالى وهو العدل بينك وبين الزوجة الأولى؛ لأنه عادة الزوجة الثانية هي التي يضيع حقها؛ لأن الزوجة الأولى باعتبار أنها أول من تزوجها ولها منه أولاد لها حظوة ولها مكانة ولها منزلة عنده، وهو لن يضحي بأولاده وزوجته من أجلك، ولذلك لو حدث خلاف – لا قدر الله – قد يضحي بك أنت من أجل زوجته وأولاده.
إذن إذا وجدت رجلاً فعلاً منصفا عادلا يستطيع أن يقيم بينك وبين زوجته الأولى الإنصاف والعدل وأن يعطيك حقك كزوجة كاملة، على ألا تتنازلي عن شيء من حقوقك؛ لأن بعض الأخوات نتيجة تقدم السن قد تقبل الزواج من رجل على ألا يبيت عندها، أو مثلاً على ألا يمر عليها عند الظروف معينة أو عندما تتيسر له ظرفه، وفي تلك الحالة تكون قد تزوجت ولم تتزوجي، على اعتبار أنها لم تشعر لا بالأنس ولا بالأمن ولا بالأمان، بل إنه قد يشترط عليها ألا تُنجب على اعتبار أنه له أولاد من الزوجة الأولى، وهذا فيه نوع من الإجحاف حقيقة لحقوق الزوجة المسلمة.
ولذلك أنا أقول: إن وجدت زوجاً مكافئاً، وجدت رجلاً لديه الاستعداد على أن يقيم العدل بينك وبين زوجته الأولى وأن يعطيك حقوقك كاملة غير منقوصة، وأن يسمح لك أن تكوني زوجة كاملة الزوجية، لست مجرد مكان يقضي فيه شهوته فقط، إذا تيسر ذلك فلا مانع ما دام لم يتقدم إليك أحد.
ولو أنك صبرت لعل الله تبارك وتعالى أن يمنَّ عليك بشاب لم يتزوج وليست له زوجة لكان ذلك خيرا؛ لأن قضية التعدد رغم أنها مشروعة إلا أن مشاكلها الآن كثيرة نتيجة عدم فهم الناس لقضية التعدد أو لفقه التعدد، والنبي عليه الصلاة والسلام حذر الرجل الذي يتزوج بامرأتين فلا يعدل بينهما أنه يأتي يوم القيامة وشقه مائل، والملاحظ الآن أن غالب الإخوة الذين يتزوجون إما أن يميل للزوجة القديمة – الأولى – ويهمل الجديدة بالكلية، وإما أن يميل للجديدة – الثانية – ويضيع القديمة وأولادها، نتيجة قلة الفقه الشرعي، ونتيجة الدافع للزواج ليس هو الشرع، وإنما هي الرغبة والشهوة والتقليد وكثرة المال عنده فيريد أن يُعدد – إلى غير ذلك – هذا كله معقول، ولكن أهم شيء لا يضيع حقك.
فإذا لم يقدر الله لك أن تتزوجي بشخص غير متزوج وجاءك من هو معدد فلابد أن تفهمي منه هذه المسائل، وأن تتأكدي منها يقيناً، حتى – كما ذكرت – لا تندمي بعد ذلك ندماً يكون قد فات أوانه وفات وقته.
وإلا فالتعدد عندما شرعه الله تعالى هو رحمة بالمرأة قبل الرجل، أنت الآن - بارك الله فيك – تقدم بك السن وقد لا يُقبل عليك شاب من الشباب لأنه يرغب بفتاة صغيرة، فالآن التعدد رحمة لأنه على الأقل تستطيعين أن تعيشي بنصف رجل خيراً من ألا تعيشي برجل أصلاً، ولذلك جعله الله رحمة فعلاً للنساء قبل الرجال، ولكن معظم النساء لا يفهمون الحكمة الشرعية من ذلك لظنهم أن هذا على حسابهم، ونسوا أن هذه الأخت التي لم تتزوج إنما هي أختهم وقد تكون خالة وقد تكون عمة بل قد تكون ابنتها نفسها لم تتزوج، ولكنها أرادت بزواجها من الرجل هذا أن تضيع حقه بالكلية في قضية التعدد ظناً منها أنها خيانة من الرجل وأن هذا عدم وفاء، وكل هذا الكلام حقيقة كلام أجوف لا حقيقة له ولا معنى.
فأنا أقول - بارك الله فيك – نحن مع التعدد المنضبط بضوابط الشرع، فإذا جاءك من يعدل بينك وبين زوجته الأولى ويعطيك حقك كاملاً فحبّاً وكرامة، أما إذا كان سيجعلك فقط – كما ذكرت – عبارة عن محطة قطارات أو عبارة مكان فندق إذا أراد أن يأتيه أتاه ولا يعطيك حقك، فأنا أرى أن تظلي كذلك فهو خير لك.
وعليك - بارك الله فيك – بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يمنَّ عليك بزوج صالح، وأكثري من الصلاة على النبي محمد عليه الصلاة والسلام كذلك أن يكرمك الله بزوج صالح؛ لأن النبي بشّر من يصلي عليه عليه الصلاة والسلام بأنه يُكفى همَّه ويُغفر له ذنبه.
فأوصيك أيضاً مع الدعاء بكثرة الاستغفار والصلاة على النبي محمد عليه الصلاة والسلام وحسن الظن بالله، وأبشري بفرج من الله قريب.
هذا والله ولي التوفيق.