الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

البعض يصفني بالسذاجة لأني أساعد الطلاب في النجاح، فما رأيكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا فعلياً أمضي كل وقتي بالدراسة، وكتابة الملاحظات، ومحاولة فهم المحاضرات وتبسيطها، -الحمد لله- نجحت بكل الامتحانات إلى الآن، ولكن بعض الطلاب يريدون الحصول على ملاحظاتي التي أمضيت أياماً وأشهراً، وأنا أكتبها وأنظمها، وهم يحصلون عليها بكل أريحية.

لقد قمت بإعطائهم ملاحظاتي، بنية أن يكون عملاً صالحاً في ميزان حسناتي، وبعد ذلك تم نصحي بعدم فعل ذلك مجدداً، لأنه ليس بعمل صالح، وإنما غباء مني أن أعطي جهدي لشخص آخر بهذه السهولة.

كنت دائماً أقول الحديث: (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته)، ولكن الرد كان بأن الله لا يريد منا أن نكون ساذجين، يقوم الآخرون باستغلالنا.

أريد أن أعرف هل مساعدتي للطلاب يعتبر عملاً صالحاً؟ علماً بأن هؤلاء الطلاب يسكنون عند أهليهم، فليسوا مثلي، أنا بمفردي أطبخ، وأنظف، وأعمل، فوق كل ذلك، ومما يزعجني أيضاً كثيراً، ولأني فعلياً قد تعبت جداً على هذه الملاحظات، ومن ثم قامت إحدى الطالبات بالتخلص منها، لأنها لم ترد أن تقدم الامتحان.

ملاحظات: لقد أمضيت أشهراً وأنا أكتبها! فهل يمكن أن أطالب بحقي أمام الله من أجل ذلك، أو أن الموضوع سخيف؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، وأشكر لك تواصلك بالموقع، وحرصك على إفادة الآخرين وإعانتهم، وكوني على ثقة -ابنتنا الكريمة- من أن فعل الخير وعمل المعروف وإعانة الآخرين؛ كلُّ ذلك عمل جليل يحبه الله تعالى ويرضاه، ويكافئ ويجازي به صاحبه، وقد وردت في ذلك أحاديث كثيرة، أنت أشرت إلى واحدٍ منها، وأن النبي ﷺ يقول: (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه)، وغير ذلك من الألفاظ النبوية التي تبشر فاعل المعروف ومعين الآخرين، بأن الله تعالى في عونه، وأنه يقضي حاجته كما يسعى هو في قضايا وحاجة الآخرين.

الممنوع إنما هو التعاون على الإثم والاعتداء، كما قال الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، وكل عون لمن يستحق فإنه عمل صالح يَجزي به الله تعالى صاحبه، فلا تندمي أبدًا على أي معروف قدمته للآخرين، وقد قال الشاعر:
مَن يفعل الخير لا يعدم جوازيه *** لا يذهب الخير عند الله والناس

أمَّا ما ذكرت بشأن أن هؤلاء الطلاب لا يجدُّون ولا يتعبون مثلك؛ فإن كانت إعانتهم مؤدية إلى إفساد حالهم -بمعنى ألَّا يدرسوا، ولا يشتغلوا بالتحصيل بالشكل المطلوب الذي يُراد من وراء الدراسة- فإن إعانتهم في هذه الحالة مفسدة؛ لأنها تؤدي إلى مفاسد.

أمَّا إذا كان ما قمت به أنت يُسهِّل عليهم فقط كيفية التحصيل العلمي، ويعينهم على ترتيب معلومات متفرقة، أو تسهيل معلومات صعبة أو نحو ذلك، فإن هذه إعانة مشروعة جائزة، لا ينبغي أبدًا أن تترددي في إسدائها للآخرين، ولا تظني أبدًا أن أحدًا سيأخذ رزق أحد، فالله تعالى قدَّر المقادير وقسَّم الأرزاق، وما قد كُتب سيكون لا محالة، كما قال النبي ﷺ في أحاديث كثيرة يتكلم فيها عن تقسيم الأرزاق وكتابة المقادير، فيقول ﷺ: (جفَّ القلم بما أنت لاقٍ يا أبا هريرة)، فكل شيء قد كُتب، فلا تقلقي من هذا.

أمَّا المطالبة بحقك بعد أن أعطيتهم إياه؛ فليس لك الحق ما دمت قد تبرعت ابتداءً ببذل هذه المعلومات مجانًا، فاحتسبي أجرك عند الله تعالى، وأطلبي الثواب منه، وستجدين خيرًا كثيرًا.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً