الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ارتفاع سقف التوقعات يحرمني من سعادة الإنجاز، أفيدوني!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدي مشكلة تؤرقني وتضيع فرحتي بنعم الله في حياتي، وهي ارتفاع سقف توقعاتي، فمثلاً: عندما كنت في الثانوية ارتفع سقف توقعاتي، لدرجة ظننت فيها أني سأصبح الأول على الدولة كلها في القسم الأدبي، وعقلي لا يريد القبول والفرح بغير ذلك، وعندما ظهرت النتيجة، وكنت حاصلًا على درجة عالية مكنتني من دخول أعلى الكليات -والحمد لله-، وتفوقت على عدد كبير من أقراني، وكنت الأول على مدرستي، إلا أني لم أفرح؛ لأن عقلي رفع السقف وتمنى لو أني الأول على الدولة، متناسيًا كل ما حققته ونجحت فيه.

الأمر يحدث في أغلب أمور حياتي بتلك الكيفية، وعقلي يلعب نفس اللعبة معي، ويرفع سقف توقعاته بأني سأكون صاحب منصب عال، ولا يصبر على تحقيق ذلك، ولا يفعل ما يحقق ذلك مستقبلًا، ولن يقبل بأي نجاح يمكنني تحقيقه أقل من ذلك، وما يدعم ذلك للأسف هو حلم رأته والدتي، ولا أعلم هل هو أضغاث أحلام، أم أنها رؤيا؟ الأمر متعب ومرهق، وأفقدني الفرح بكل شيء في حياتي، فما الحل؟

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد العزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أخي الفاضل- مجددًا عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا مجددًا بهذا السؤال.

نعم أخي الفاضل: (إن الله كتب الإحسان على كل شيءٍ)، والإسلام يدعونا إلى التطلُّع إلى المعالي، وكما يقول المتنبي:
ولم أرَ في عيوب الناس عيبًا *** كنقص القادرين على التمام.

فما نقوم به يجب أن نسعى إلى أفضله، وليس في هذا عيبٌ، طالما أننا نتطلّع إلى تحقيق أفضل النتائج، ولكن في نفس الوقت يجب أن يترافق هذا مع شيءٍ من التواضع، وشيء من قبول ما يمكن تحقيقه، مبتعدين عمَّا يقوله أبو فراس الحمداني:
وَنحنُ أُناسٌ لا تَوَسّطَ عندنا لَنا *** الصَدرُ دونَ العَالَمينَ أو القَبرُ
أعزّ بَني الدّنيا، وَأعلىٰ ذَوي العُلا*** وَأكرَم مَن فَوقَ التُّرابِ وَلا فَخرُ.

أخي الفاضل: بين أن تكون الأول على الدولة، وبين أن تكون نتائجك ضعيفة -لا قدّر الله- هناك درجاتٌ متفاوتة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يُعلِّمنا فيقول: (اعملوا فكلٌ مُيسَّرٌ لِمَا خُلقَ له).

الحمد لله أنك حصلت على نتائج طيبة، وكنت الأول على مدرستك، فالحياةُ ستُعلِّمُك الجمع بين رفع التوقُّعات وبين قبول النتائج التي تصدر عنك من أعمال، وأنت في هذا السن (التاسع عشر) فالحياة ستعلّمك التوازن بين الأمرين، فنعم، استمر برفع توقُّعاتك، ولكن إن كانت النتائج أقلّ بقليل من النتائج المبهرة؛ فعليك أيضًا أن تقبل بها، وتحرص على تفادي الأخطاء ورفع التوقعات مجددًا.

نعم -أخي الفاضل- إن رفع التوقُّعات قد يكون متعبًا، هذا إنْ غاب عنَّا تقبُّل الواقع الذي نعيشه، فإذًا التحدّي لك ولنا وللجميع: كيف نجمع بين رفع التوقُّعات وبين قبول النتائج؟ فهذه النتائج ما هي إلَّا نتائج كسبنا وأعمالنا.

أدعو الله تعالى أن يوفقك، ويشرح صدرك، ويُلهمك صواب الرأي والقول والعمل، ويجعلك من المتفوقين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً