الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من ألم في الصدر وإعياء مزمن، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله في القائمين على هذا الموقع على تقديم الاستشارات المجانية لكافة الناس في مجالات متعددة، وبأقصى ما تستطيعونه، فجزاكم الله عنا كل خير، كما أرجو أن يتسع لي صدركم الرحب كما عهدناكم.

إخوتي الكرام، إني قبل تسع سنوات عندما شهدت موقفاً في المنزل، ولم يعجبني الحال، ودخلت في توتر عصبي داخلي، وأنا جالس وساكت في نفس الوقت، وفجأة أحسست باهتزاز وسط صدري تلاه هلع، وخفقان، وضيق تنفس.

خرجت من المنزل مسرعاً لطلب النجدة، بعد ذلك ذهبت إلى الصيدلاني، وعمل لي قياس ضغط الدم، وكان سليماً، وقال لي: لديك مشكلة عصبية، لا تخف من أي شيء، لكن بعدها أصبحت متوتراً، وقلقاً على نفسي مما جرى لي.

هذه بعض الأعراض التي جاءتني في أول أيامي من المرض.
1- خفقان القلب.
2- التعب والإرهاق.
3- نغزات في القلب.
4- وخز في الصدر.
5- نوبات الهلع.
6- القلق النفسي.
7- اضطرابات في المعدة والحموضة.
8- خروج رائحة كريهة من الفم وجفافه.

ذهبت إلى طبيب مختص للقلب والشرايين، فعلت جميع الفحوصات من تخطيط للقلب، وجهاز قياس ضربات القلب 24 ساعة كل شيء سليم.

ذهبت إلى اختصاصي الصدر، والحساسية كذلك جميع الفحوصات عندي سليمة، وفعلت فحوصات للدم من فقر الدم والغدة الدرقية، والكليتين، والكبد، والكوليسترول في الدم، والحديد في الدم، والسكر وكل شيء سليم، لكن هذه الأعراض ازدادت سوءاً على حالتي الصحية والنفسية.

أصبحت أحس بإعياء مزمن، حتى في المشي، ولا أقدر على الرياضة، بسبب التعب المزمن، وألم الصدر الذي أرهقني.

الله يجزيكم الخير، أفيدوني ما العمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونشكر ثقتك بموقعك وثقتك في القائمين عليه، ونسأل الله أن ينفع بنا جميعًا.

أخي: استشارتك واضحة جدًّا، فـ -ما شاء الله- وصفك وصف دقيق، وحقيقة ما حدث لك قبل تسع سنوات هي نوبة هلع أو نوبة فزع – كما تُسمَّى – وهو نوع من القلق النفسي الحادّ جدًّا، والذي يتسم فعلاً بكل الصفات التي ذكرتَها (خفقان القلب، النغزات في القلب، والوخز الصدر، القلق الشديد، الخوف الشديد، الاضطرابات في الجهاز الهضمي، خروج الرائحة الكريهة من الفم) هذا كله نلاحظه في بعض الحالات.

يظهر أن الأمر أصلاً مرتبط بنوع من قلق المخاوف الذي قد يكون في الأصل لديك نوع من الاستعداد له، أو لديك شيء ممَّا يُعرف بالقلق المُعمَّم، أي أن جسدك وعقلك سريع الاستثارة؛ ممَّا يجعلك تقلق وتظهر عليك هذه الأعراض.

طبعًا أنت قمت بالرحلة المعهودة، وهي أن أصحاب قلق المخاوف والذين يُصابون بالهلع أو بالفزع يذهبون أوّل ما يذهبون إلى الطوارئ، أو إلى طبيب القلب، و-الحمد لله- كل الفحوصات سليمة، وهذا هو المتوقع.

الآن – أخي الكريم – أولاً: يجب أن تفهم أن هذه الحالة حالة يسيرة، حتى وإن كانت مزعجة لك، ويجب أن تفهم أنك أنت الذي تُغيّر من نفسك، لا تتكاسل – أخي الكريم – أبدًا، لا تُطاوع نفسك في هذا السياق، الإنسان هو عبارة عن أفكار ومشاعر وأفعال، هذا هو المثلث السلوكي، وعليه الفكر السلبي لا بد أن نجعله إيجابيًّا، لأن الله تعالى خلق الكون في ثنائية، كل شيءٍ سلبي يُقابله شيء إيجابي، وكذلك بالنسبة للمشاعر، أيضًا انقلها من سلبية إلى إيجابية.

أمَّا الأفعال فهي مهمّة – يا أخي – لا بد أن يكون لك جدول يومي، كما يذهب الإنسان إلى دورة المياه لقضاء حاجته يمكن أن يذهب ويؤدي بقية الحاجيات والأنشطة الحياتية. آسف جدًّا على هذا المثال، لكنه حقيقة واقعية.

فيا أخي الكريم: مثلاً الصلاة على وقتها، {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا} لا تُؤجل حين يدخل وقتها، حين يستوعب الإنسان هذا النص القرآن العظيم لا بد أن تنطلق نيّته وعزمه نحو الأداء، أداء هذا الفرض العظيم وهو الصلاة، ... وهكذا. فيا أخي: كل شيء في الدنيا يتطلب العزم والقصد، وهذا ضروري جدًّا.

اجعل لنفسك برنامجًا يوميًا، فقط ممارسة المشي لمدة خمس دقائق، هل هذا صعب؟ ليس صعب يا أخي أبدًا، لا تستصعب هذه الأمور. أن تذهب وتزور صديقًا، أو تزور مريضًا، أن تجلس مع أسرتك الكريمة، وتساهم بأي شيء إيجابي.

من الضروري جدًّا أن تبحث عن عمل. أنا أعرف أن الظروف ووجود العمل قد لا تكون سهلة الآن، لكن -إن شاء الله تعالى- نقول لك: خزائن الله ملأَى ورزق الله واسع، لكن علينا السعي وبذل الجهد وسنجد العمل، {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور}، العمل يُوجد لمن يكدّ ورائه ويبحث عنه، فلا تتهاون في هذا الموضوع.

وأيضًا من الضروري جدًّا أن تحرص دائمًا على الواجبات الاجتماعية – كما ذكرتُ لك – وأن تتجنّب السهر، ويمكنك أن تنخرط في رياضة جماعية، تحرص على صلاة الجماعة، تمارس تمارين الاسترخاء، أليست كلها علاجات؟ هي علاجات يا أخي.

أبشرك أنه توجد أدوية ممتازة جدًّا لعلاج هذه الأعراض، لكني أنا تركت الدواء كآخر شيء أتحدث عنه لأني لا أريدك أن تعتمد على الدواء فقط، أريدك أن تؤهل نفسك، أريدك أن تغيّر نفسك، أنت الذي تُغيّر نفسك، الله تعالى حبانا بالطاقات والمهارات والمقدرات، وقال: {إن الله لا يُغير ما بقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم}، ولم يكلّفنا ما لا نستطيع، وقال: {فاتقوا الله ما استطعتم}.

ويا أخي: دائمًا عش على الأمل والرجاء، واستفد من قوة الحاضر، الماضي قد انتهى ولا نتحكّم فيه، لكن حاضرنا نتحكّم فيه، ولابد أن نجعله مُشرقًا وإيجابيًّا؛ لأن حاضرنا إذا كان ناجحًا مستقبلنا بحول الله تعالى أيضًا سوف يكون ناجحًا؛ لأن الحاضر هو ماضي المستقبل، وما دام هذا الماضي – وهو الحاضر الآن – قوي المستقبل سوف يكون قويًّا، هذا أمرٌ واقعي حقيقةً.

الدواء الذي أنصحك بتناوله يُعرف باسم (سيبرالكس) هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي (اسيتالوبرام) وربما يُسمَّى في بلادكم بمسمّى تجاري آخر حسب الشركة المنتجة.

تبدأ في تناول السيبرالكس بجرعة نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام، تتناول خمسة مليجرام يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعل الجرعة عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم انتقل إلى الجرعة الوقائية وهي أن تجعل الجرعة عشرة مليجرام يوميًا لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

والدواء الآخر وهو دواء مساعد ممتاز، خاصة في الأعراض النفس جسدية، هذا الدواء يُسمّى (دوجماتيل) هذا اسمه التجاري، واسمه العلمي (سولبيريد) أريدك أن تتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا وأخرى مساءً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهرٍ، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناوله.

هذه الأدوية أدوية سليمة، فاعلة، وغير إدمانية، فقط ربما تفتح شهيتك قليلاً نحو الطعام، وهذا قد يكون أمرًا إيجابيًا، وإن رأيتَه سلبيًّا حاول أن تمارس الرياضة، وأن تتبع نظاماً غذائياً لا يُؤدي إلى زيادة الوزن.

إن شاء الله تعالى بتناولك لهذه الأودية، واتباعك لما ذكرتُ لك من إرشاد سوف ترتقي بصحتك الجسدية وصحتك النفسية، وتستمتع بالحياة -إن شاء الله تعالى- وتكون أكثر فعَالِيَّةً.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً