الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل الثالث : شركة الوجوه وهي أن يشتركا على أن يشتريا بجاههما دينا فما ربحا فهو بينهما ، وكل واحد منهما وكيل صاحبه كفيل عنه بالثمن ، والملك بينهما على ما شرطاه ، والوضيعة على قدر ملكيهما فيه ، والربح بينهما على ما شرطاه ، ويحتمل أن يكون على قدر ملكيهما ، وهما في التصرفات كشريكي العنان .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( الثالث : شركة الوجوه ) سميت به لأنهما يعاملان فيها بوجههما ، والجاه والوجه واحد ، يقال : فلان وجيه إذا كان ذا جاه ، وهي جائزة إذ معناها وكالة كل واحد منهما صاحبه في الشراء ، والبيع ، والكفالة بالثمن ، وكل ذلك صحيح لاشتمالها على [ ص: 38 ] مصلحة من غير مضرة ( وهي أن يشتركا على أن يشتريا بجاههما دينا ) أي في ذممهما من غير أن يكون لهما مال ( فما ربحا فهو بينهما ) على ما شرطاه ، وسواء عين أحدهما لصاحبه ما يشتريه ، أو قدره ، أو وقت ، أو لم يعين شيئا من ذلك ، فلو قال كل منهما للآخر : ما اشتريت من شيء فبيننا صح ( وكل واحد منهما وكيل صاحبه كفيل عنه بالثمن ) لأن مبناها على الوكالة ، والكفالة ; لأن كل واحد منهما وكيل للآخر فيما يشتريه ويبيعه كفيل عنه بالثمن ( والملك بينهما على ما شرطاه ) لقوله عليه السلام المؤمنون على شروطهم ولأن العقد مبناه على الوكالة ، فتقيد بما أذن فيه ( والوضيعة على قدر ملكيهما فيه ) كشركة العنان ; لأنها في معناها ( والربح بينهما على ما شرطاه ) لأن العمل منهما قد يتساويان فيه ، فكان الربح بحسب الشرط كالعنان ، فإذا كان لأحدهما ثلث الربح كان له ثلث المشترى ، وإن كان له نصفه كان له نصف المشترى ; لأن الأصل في الربح المال ، فكل جزء من الربح بإزاء جزء من المال ، فإذا علم نصيب أحدهما من الربح علم قدر ما يملكه من المال ; لأنه تابع له ( ويحتمل أن يكون على قدر ملكيهما ) قاله القاضي ، وجزم به في " الفصول " ; لأن الربح يستحق بالضمان إذ الشركة وقعت عليه خاصة إذ لا مال لهما ، فيشتركان فيه على العمل ، والضمان لا تفاضل فيه فلا يجوز التفاضل في الربح ، والأول المذهب ، لأنهما شريكان في المال والعمل ، فجاز تفاضلهما في الربح مع تساويهما في المال كشريكي العنان ( وهما في التصرفات كشريكي العنان ) يعني فيما يجب لهما وعليهما ، وفي إقرارهما وخصومتهما ، وغير ذلك على ما مر ، وهل ما يشتريه أحدهما بينهما أم تعتبر النية كوكالة ؛ فيه وجهان ، قال في " الفروع " : ويتوجه في عنان مثله ، وقطع جماعة النية .

                                                                                                                          [ ص: 39 ] فرع : إذا قضى بمال المضاربة دينه ثم اتجر بوجهه ، وأعطى رب المال نصف الربح ، فنقل صالح : : " أما الربح فأرجو إذا كان متفضلا عليه .




                                                                                                                          الخدمات العلمية