الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        من رأى هلال رمضان وحده ، لزمه صومه . فإن صامه فأفطر بالجماع ، فعليه الكفارة . ولو رأى هلال شوال وحده ، لزمه الفطر ، ويخفيه لئلا يتهم ، وإذا رؤي رجل يأكل يوم الثلاثين من رمضان بلا عذر ، عزر .

                                                                                                                                                                        فلو شهد أنه رأى الهلال ، لم يقبل ، لأنه متهم في إسقاط التعزير ، بخلاف ما لو شهد أولا فردت شهادته ، ثم أكل ، لم يعزر .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو أفطر بجماع ، ثم جامع ثانيا في ذلك اليوم ، فلا كفارة للجماع الثاني ، لأنه لم يفسد صوما . فلو جامع في يومين أو أيام ، فعليه لكل يوم كفارة ، سواء كفر عن الأول ، أم لا .

                                                                                                                                                                        [ ص: 379 ] فرع

                                                                                                                                                                        لو أفسد صومه بجماع ، ثم أنشأ سفرا طويلا في يومه ، لم تسقط الكفارة على المذهب . وقيل : كما لو طرأ المرض . ولو جامع ، ثم مرض ، فقولان .

                                                                                                                                                                        أظهرهما : لا تسقط الكفارة . وقيل : لا تسقط قطعا . ولو طرأ بعد الجماع جنون ، أو موت ، أو حيض ، فقولان .

                                                                                                                                                                        أظهرهما : السقوط . والمسألة في الحيض مفرعة على أن المرأة إذا أفطرت بالجماع ، لزمتها الكفارة .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        كمال صفة الكفارة ، مستقصى في كتاب " الكفارات " . والقول الجملي ، أن هذه الكفارة مرتبة ككفارة الظهار ، فيجب عتق رقبة . فإن لم يجد ، فصيام شهرين متتابعين . فإن لم يستطع ، فإطعام ستين مسكينا .

                                                                                                                                                                        وهل يلزمه مع الكفارة قضاء صوم اليوم الذي أفسده بالجماع ؟ فيه ثلاثة أوجه . وقيل : قولان ، ووجه .

                                                                                                                                                                        أصحهما : يلزم . والثاني : لا ، والثالث : إن كفر بالصيام ، لم يلزم ، وإلا لزم . قال الإمام : ولا خلاف أن المرأة يلزمها القضاء إذا لم تلزمها كفارة .

                                                                                                                                                                        وهل تكون شدة الغلمة عذرا في العدول عن الصيام إلى الإطعام ؟ وجهان .

                                                                                                                                                                        أصحهما : أنها عذر ، وبه قطع صاحب " التهذيب " ، وهو مقتضى كلام الأكثرين ، ورجح الغزالي المنع .

                                                                                                                                                                        [ ص: 380 ] فرع

                                                                                                                                                                        لو كان من لزمته هذه الكفارة فقيرا ، فهل له صرفها إلى أهله وأولاده ؟ وجهان . أحدهما : يجوز ، لحديث الأعرابي المشهور .

                                                                                                                                                                        وأصحهما : لا يجوز ، كالزكاة وسائر الكفارات . وأما قصة الأعرابي ، فلم يدفع إلى أهله عن الكفارة .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا عجز عن جميع خصال الكفارة ، فهل تستقر في ذمته ؟ قال الأصحاب : الحقوق المالية الواجبة لله تعالى ، ثلاثة أضرب .

                                                                                                                                                                        ضرب يجب لا بسبب مباشرة من العبد ، كزكاة الفطر . فإذا عجز وقت الوجوب ، لم تثبت في ذمته .

                                                                                                                                                                        وضرب يجب بسبب على جهة البدل ، كجزاء الصيد ، فإذا عجز وقت وجوبه ، ثبت في ذمته تغليبا لمعنى الغرامة .

                                                                                                                                                                        وضرب يجب بسبب لا على جهة البدل ، ككفارة الجماع ، واليمين ، والقتل ، والظهار ، ففيها قولان .

                                                                                                                                                                        أظهرهما : يثبت في الذمة عند العجز ، فمتى قدر على إحدى الخصال ، لزمته . والثاني : لا يثبت .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية