الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                              صفحة جزء
                                                                              4297 حدثنا هشام بن عمار حدثنا إبراهيم بن أعين حدثنا إسمعيل بن يحيى الشيباني عن عبد الله بن عمر بن حفص عن نافع عن ابن عمر قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته فمر بقوم فقال من القوم فقالوا نحن المسلمون وامرأة تحصب تنورها ومعها ابن لها فإذا ارتفع وهج التنور تنحت به فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت أنت رسول الله قال نعم قالت بأبي أنت وأمي أليس الله بأرحم الراحمين قال بلى قالت أوليس الله بأرحم بعباده من الأم بولدها قال بلى قالت فإن الأم لا تلقي ولدها في النار فأكب رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي ثم رفع رأسه إليها فقال إن الله لا يعذب من عباده إلا المارد المتمرد الذي يتمرد على الله وأبى أن يقول لا إله إلا الله

                                                                              التالي السابق


                                                                              قوله : ( وامرأة تحصب ) كتضرب ، أي : ترمي فيه ما يوقد النار به فيه (وهج التنور ) [ ص: 577 ] هو بفتحتين حر النار (لا تلقي ولدها في النار ) أي : فكيف أرحم الراحمين يلقي بعض العبيد فيها وإن كانوا كفرة (فأكب ) من كبه فأكب أي قلبه وصرعه (لا يعذب ) أي : على الدوام ، والظاهر أنه لا يدخل النار إلا هؤلاء إذ الكلام في إدخال النار لا في الخلود والدوام والله أعلم ، وبالجملة فالمعصية تعظم وتزيد قبحا وشناعة بقدر حقارة المعاصي وعظمة المعصى بها وكثرة إحسانه إلى العاصي فيعظم جزاؤها بذلك فبالنظر إلى حالة العبد العاصي وأنه خلق من أي شيء وأي شيء مقداره وإلى عظمة خالق السماوات والأرض الذي قامت السماوات بأمره وإلى كثرة نعمه وإحسانه تعظم أدنى المعاصي حتى تجاوز الجبال والبحار وتصير حقيقة بأن يجعل جزاؤها الخلود في النار لولا رحمة الكريم العفو الغفور الرحيم فكيف هذه المعصية المتضمنة لتشبيهه بالأحجار التي هي أرذل الخلق فتعالى سبحانه عن ذلك علوا كبيرا وحقائق هذه الأمور لا يعلمها إلا علام الغيوب ، ثم ظاهر الحديث يقتضي أن جاحد النبوة قد أبى عن كلمة التوحيد على وجهها وهو المراد هاهنا ، وفي الزوائد إسناد حديث ابن عمر ضعيف لضعف إسماعيل بن يحيى متفق على تضعيفه ا هـ . قلت : أصل الحديث ليس من الزوائد .




                                                                              الخدمات العلمية