السنة الخامسة : قال : رد اليدين من مؤخر الرأس إلى مقدمه ، وأن يبدأ به ، وفي الموطأ عن عمر بن يحيى المازري أنه وكان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هل تستطيع أن تريني لعبد الله بن زيد بن عاصم ؟ قال كيف كان عليه الصلاة [ ص: 278 ] والسلام يتوضأ عبد الله : نعم ، فدعا بوضوئه ، فأفرغ على يده ، فغسل يديه مرتين مرتين ، ثم مضمض ، واستنثر ثلاثا ، ثم غسل وجهه ثلاثا ، ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين ، ثم مسح رأسه بيديه ، فأقبل بهما ، وأدبر ، بدأ بمقدم رأسه ، ثم ذهب بهما إلى قفاه ، ثم ردهما حتى رجعا إلى المكان الذي بدأ منه ، ثم غسل رجليه . قال
واختلف العلماء في قوله في بعض الروايات : فأقبل بهما ، وأدبر ، فقيل : الواو لا تقتضي الترتيب إذ الواقع أنه أدبر بهما ، وأقبل ، وقيل : أقبل بهما على قفاه ، وأدبر بهما عن قفاه ، فإن الإقبال ، والإدبار من الأمور النسبية ، وقيل : بدأ من وسط الرأس ، وأقبل بيديه على وجهه ، ثم أدبر بهما على قفاه ، ثم ردهما إلى موضع ابتدائه ، ويمنع هذا قوله في الحديث ( من مقدم رأسه ) ، وأن أعضاء الوضوء كلها تبتدأ من أطرافها لا من أوساطها .
وأما قول ابن الجلاب : يبدأ من مقدم رأسه إلى قفاه ، واضعا أصابعه على وسط رأسه رافعا راحتيه عن فوديه ، ثم يقبل بهما لاصقا راحتيه بفوديه مفرقا أصابع يديه - فهذه الصفة لم تعلم لغيره ، قصد بها على زعمه عدم التكرار ، وخالف السنة ؛ إذ التكرار لا يلزم من ترك ما قاله ; لأن التكرار إنما يكون بتجديد الماء بدليل أن دلك اليد مرارا بماء واحد لا يعد إلا مرة واحدة ، فكذلك ها هنا .