السبب الثالث : خلط الوديعة
وفي الكتاب : إذا لم يضمن ، أو بعضه فما ضاع ضمنه وما بقي بينكما ; لأن دراهمك لا تعرف من دراهمه ، ولو عرفت لكانت مصيبتها دراهم كل واحد منه ، وكذلك الحنطة إذا خلطها بمثلها للاحتراز والفرق أو بحنطة مخالفة لها أو بشعير ثم ضاع الجميع ضمن ; لأن هذا الخلط فوت ، فإن فعل ذلك صبي فهي ماله ، فإن لم يكن له مال ففي ذمته لك مثل حنطتك وله مثل شعيره لتعديه عليكما ، ولك ترك الصبي ومشاركته في المختلط بقدر قيمة طعامكما بعد العلم بمكيلته ; لأنه عين ماليكما فلكما أخذه وليس لأحدكما أن يعطي الآخر مثل طعامه ويبقي له المخلوط ; لأنه بيع إلا أن يكون هو المتعدي ; لأنه حينئذ قضي ما لزم لا بيع ، في التنبيهات : يريد بالاحتراز خلطهما لفرق من جهة الكراء ، وأضبط للحفظ ، فإن خلط لغير هذا من بعد أو أخذهما لنفسه ضمن ، والطعام والدراهم في هذا سواء ، وقوله : لو عرفت الدراهم لكانت مصيبة كل واحد منه يدل على أنها مختلفة وإن خلطها بالمخالفة لا يضمن ; لتمييزها ، وكذلك يجب في الدراهم بالدنانير ، ومنع خلط الدراهم فضاع الجميع رضاكما بالشركة في الحب المخلوط كما يمتنع خلطكما لذلك ابتداء لغرض الشركة ، واختلف في تفسير شركة الكتاب ففسره سحنون : بأنه يزيد بقيمة ما لكل واحد غير مخلوط ; لأنه الذي طرأ عليه العدوان ; لأنه الواقع في المال المشترك وقيل : بقيمة القمح معيبا فما خلطه به من الشعير مجردا إذ لا يعيبه [ ص: 168 ] القمح ، قاله سحنون ، قال : وتحقيق ذلك على مذهب سحنون ابن القاسم : إذا بيع المخلوط اقتسما الثمن على قدر قيمة كل واحد منهما ، وقال أشهب : يشتركان بالكيل لا بالقيم ; لأن كل واحد منهم بدل نصف طعامه بنصف طعام الآخر ، والكيل سواء ولم يجره على القيم ; لأنه عنده كابتداء الشركة على خلط النوعين وذلك لا يجوز ، وقال الأئمة : خلط المثلي إذا لم يتميز فوت ، كان بالجنس كالحنطتين أو بغير الجنس كدهن الورد بالزيت ، ومنع من الشركة لتقرر ملك المودع على الجميع بالضمان ، وقال ( ح ) : إذا اختلطت بماله بغير فعله لم يضمن ; لأن الاستدلال ليس من جهته وتعينت الشركة .